.

الجمعة، يناير 26، 2007

أمر مفجع

إخوتي البشر، دعوني أروي لكم كيف حصل الامر. ستقولون: لسنا اخوتك ولا نريد ان نعرف. أنتم محقون، كونها قصة حزينة، لكنها قصة تحمل العبر. انها حكاية اخلاقية بامتياز، اؤكد لكم ذلك. هي قد تكون طويلةً بعض الشيء، فقد حدثت امور مختلفة، لكن اذا لم تكونوا مستعجلين كثيراً، مع قليل من الحظ سيكون لديكم الوقت الكافي لتقرأوها. فضلا عن ذلك، الامر يعنيكم. سوف ترون انه يعنيكم. لا تظنوا اني اسعى الى اقناعكم بأي امر. ففي النهاية انتم أحرار في آرائكم. اذا كنتُ قررتُ الكتابة بعد كل هذه السنين، فلكي أوضح الامور لنفسي، وليس لكم. على مر سنين طويلة، نحن نزحف على هذه الارض كالديدان في انتظار ولادة الفراشات الزاهية والشفافة التي نحملها في دواخلنا. ثم يمر الوقت ولا يحصل التحوّل ونظل ديداناً. امام هذا الادراك المفجع، ما العمل؟ الانتحار خيار اكيد. لكن لأكون صريحاً، هو لا يغريني كثيراً. لا انكر اني فكرت فيه لوقت طويل، واذا اضطررت الى اللجوء اليه فإليكم كيف سيحصل الامر: سأضع قنبلة يدوية على قلبي وأتلاشى في انفجار فرح عظيم. قنبلة صغيرة ودائرية، سأنزع فتيلها برقة قبل ان أُفلت الكبسولة بينما ابتسم لدى سماع الصوت المعدني الخفيف للزنبرك، الصوت الاخير الذي سأسمعه اذا استثنينا خفقات قلبي في اذني. ثم السعادة اخيراً، او السلام على الاقل، وجدارن مكتبي المزينة بالاشلاء. ستقع مهمة التنظيف على الخادمات، فهن يتقاضين اجورهنّ للقيام بذلك، لتصطفلن. لكن كما قلت، الانتحار لا يغريني.لا اعرف لماذا، ربما يعود الامر الى بقايا اخلاقية فلسفية قديمة تجعلني اقول اننا في النهاية لم نأت الى هذه الارض لكي نستمتع. لكي نفعل ماذا اذاً؟ ليست لديَّ ادنى فكرة. لكي نصمد على الارجح، لكي نقتل الوقت قبل ان يقتلنا. وفي هذه الحالة، الكتابة تشغلنا في الساعات الضائعة، وهي افضل من اي امر آخر. ليس لأني املك الكثير من الساعات لأضيّعها، فأنا رجل مشغول. لديَّ ما يسمى عائلة، ولديّ عمل، اي مسؤوليات، وهذا كله يتطلب وقتاً، فلا يبقى ما يكفي لأروي فيه ذكرياتي. ولاسيما انه في ما يتعلق بالذكريات، لديّ منها الكثير، لا بل كميات هائلة. انا مصنع ذكريات حقيقي. كنت لأمضي حياتي اصنع لنفسي ذكريات، رغم اني أتقاضى اجرا اليوم لأصنع الدانتيل. في الواقع، كان في إمكاني الا اكتب كذلك. ففي النهاية لست مجبراً على الامر. منذ الحرب، بقيت رجلاً متحفظاً، والحمد لله لم احتج يوماً الى كتابة مذكراتي على غرار بعض رفاقي السابقين، لا بغية تبرير الذات، اذ ليس لديّ ما ابرره، ولا بغية الربح، لأني اكسب عيشي في شكل جيد.
جوناثان ليتل

الجمعة، يناير 12، 2007

.

أتناول العشاء مع نيكول وأدوم. تتحدث نيكول عن نحات من معارفها، موهوب جدا ومشهور. يشتغل النحات في مرسم شاسع، ويحيط به أطفال. فكل أطفال الحي أصدقاء له.في أحد الأيام كلفته المحافظة بنحت حصان كبير ليوضع في إحدى ساحات المدينة. وأحضرت شاحنة كتلة الغرانيت الضخمة إلى المرسم وشرع النحات في نحته بالمطرقة والأزميل، معتليا سلما. وكان الأطفال ينظرون إليه وهو يعمل.ثم ذهب الأطفال في عطلة، بعضهم إلى الجبال، وبعضهم إلى البحر. وعند عودتهم، أراهم النحات الحصان الذي انتهى من نحته. فسأله أحد الأطفال بعينين مفتوحتين على أشدهما:- لكن.. كيف عرفت أن داخل تلك الصخرة كان يوجد حصان؟
إدواردو غاليانو

الأحد، يناير 07، 2007

: )

كنت طفلا بائسا حزينا... لكن هذا الشعور ليس مضرا ! ، عندما أري الآباء مشغولين بعزلة أبنائهم أقول لهم دائما:
" دعوه في سلام، إنه ينضج "
ساراماغو