.

الأربعاء، ديسمبر 28، 2005

وقت


ثمة زمنان في هذا العالم : الزمن الآلي و الزمن الجسدي . الأول صلب و معدني كبندول حديدي ضخم يتحرك جيئة
وذهاباً . الثاني يتقلب و يتعرج كسمكة في خليج . الأول لا يلين , محدد سابقاً . الثاني يتخذ قراره وهو يمضي.يقتنع كثيرون أن الزمن الآلي غير موجود . حين يمرون قرب الساعة العملاقة في شارع كرام لا يشاهدونها و لايسمعون دقاتها وهم يرسلون الطرود في شارع بوست أو يطوفون بين الأزهار في " روزنكارتن". يلبسون ساعات حول أرساغهم كزينة أو كتجمل لأولئك الذين يقدمون الساعات اليدوية كهدايا . لا يضعون ساعات جدارية في منازلهم . بدلاً من ذلك , يصغون لدقات قلوبهم , يشعرون بإيقاعات أمزجتهم و رغباتهم . يأكل بشر كهؤلاء حين يجوعون, يذهبون إلى أعمالهم في المتجر أو الصيدلية حين يستيقظون من نومهم , يمارسون الحب طوال ساعات النهار . يسخر بشر كهؤلاء من فكرة الزمن الآلي. يعرفون أن الزمن يتحرك في نوبات و قفزات , يعرفون أن الزمن يصارع نحو الأمام حاملاً ثقلاً على ظهره حين ينقلون طفلاً مصاباً إلى المستشفى أو يتحملون تحديقة جار أسيئ إليه . يعرفون أيضاً أن الزمن يندفع مسرعاً عبر حقول الرؤية حين يستمتعون بتناول مع الأصدقاء أو يتلقون المديح أو يكذبون بين ذراعي عشيقة سرية.ثم هناك أولئك الذين يعتقدون أن أجسادهم لا توجد , يعيشون وفق الزمن الآلي , ينهضون في السابعة صباحاً, يتناولون غذاءهم ظهراً و عشاءهم في السادسة.يصلون إلى مواعيدهم في الوقت المحدد وبدقة الساعة .يمارسون الجنس بين الثامنة و العاشرة ليلاً, يعملون أربعين ساعة في الأسبوع , يقرأون صحيفة الأحد يوم الأحد , يلعبون الشطرنج مساء الثلاثاء. حين تصدر معداتهم أصواتاً ينظرون إلى ساعاتهم ليتبينوا إذا حان وقت الطعام ,حين ينسون أنفسهم في حفلة موسيقية ينظرون إلى الساعة التي فوق خشبة المسرح ليعرفوا متى يحين وقت العودة إلى المنزل . يعرفون أن الجسد ليس شيئاً ينتمي إلى السحر الوحشي بل مجموعة من المواد الكيماوية و الأنسجة و الدوافع العصبية و يعرفون أن الأفكار ليست أكثر من اندفاعات كهربائية في الدماغ و الإثارة الجنسية ليست أكثر من تدفق المواد الكيماوية إلى نهايات عصبية معينة و الحزن ليس أكثر من حمض قليل يثبت في المخيخ . باختصار ,الجسد آلة خاضعة لقوانين الكهرباء والميكانيكا نفسها كالإلكترون أو الساعة . هكذا , يجب أن يخاطب الجسد بلغة الفيزياء , و إذا تحدث الجسد فإن حديث عتلات و قوى كثيرة فقط . الجسد شيء يجب أن يؤمر , أن لايطاع*
*آلن لايتمان

الثلاثاء، ديسمبر 27، 2005

ليس بهذه الطريقة


" لا تكن سخيفا ً , فالنباتات لا تشعر بأي شيء "
.......................................
.......................................
" إذا كانت النباتات لا تصدر أصواتاً , لا يعني ذلك أنها لا تعاني "

* جان بيار دافيتس

الاثنين، ديسمبر 26، 2005

..

ليس بالضرورة أن يكون للحصى التي ترميها في الماء دوائر، ولا أن يكون في بحيرة البجع.. بجع، ولا أن تكون الحقيقة عند القاتل... ربما كانت عند القتيل الذي سيظل قتيلاً، إلى أن يثبت عكس ذلك.‏‏‏‏ الرصاصة لاتعرف خالقها ولا تؤمن به، ولا تحفظ وجه القتيل الذي تخترقه، تاركة في رأسه ثقباً كافياً لإستراق النظر الى ما مضى من احلامه وما كان سيمضي
*حازم سليمان

السبت، ديسمبر 24، 2005

في بيت أمي


في بيت أمي صورتي ترنو إلي
ولا تكف عن السؤال:أأنت، يا ضيفي، أنا؟
هل كنتُ في العشرين من عُمري،بلا نظارة طبية،وبلا حقائب؟
كان ثقب في جدار السور يكفي
كي تعلمك النجوم هواية التحديق
في الأبدي..
[ما الأبدي؟ قلت مخاطباً نفسي]
ويا ضيفي.. أأنت أنا كما كنا؟
فمن منا تنصل من ملامحه؟
أتذكر حافر الفرس الحرون على جبينك
أم مسحت الجرح بالمكياج كي تبدو
وسيم الشكل في الكاميرا؟أأنت أنا؟ أتذكر قلبك المثقوب
بالناي القديم وريشة العنقاء؟
أم غيرت قلبك عندما غيرت دربك؟
قلت: يا هذا، أنا هو أنت
لكني قفزت عن الجدار لكي أرى
ماذا سيحدث لو رآني الغيب أقطف
من حدائقه المعلقة البنفسج باحترام.
ربما ألقى السلام، وقال لي:
عد سالماً..
وقفزت عن هذا الجدار لكي أرى
مالا يرى
وأقيس عمق الهاوية

* محمود درويش

الأربعاء، ديسمبر 21، 2005

نوع مختلف ومتوفر أيضا




ولد صغير غير مؤدب
مات دون إذن أمه


أخرج زبدًا كثيرًا من فمه
و أطبق عينيه
كفراشة
مثل حشرة
كأيّ قطة
ككلب

غافلها
، و هي تجهز الطعام في المطبخ،
و مات

كعادته.
لا يأخذ رأيها أبدًا
في أي خطوة يقدم عليها

كان يمكنه
، خاصة و أنه أحس،
أجنحة ملاك الموت
ترِفّ في الغرفة
أن يودعها بكلمة
أو يخبرها بمكان النقود
التي سرقها منها
لكنه

، في حقيقة الأمر،
لم يكن يحبها
إنه لا يكرهها
لا يحبها، و لا يكرهها

هي أيضًا مثله تمامًا
لم تكن تحبه، و لم تكن تكرهه
كل ما بينهما أنه ابن و هي أم
هي تغسل ملابسه
و هو يسليها بتربيته


هي
، يمكن أن نقول،
غسالة
و هو
بكرة تريكو

*عمـاد أبو صـالح

الثلاثاء، ديسمبر 20، 2005

.......


الصورة الجيدة تروي قصة , تكشف مكانا , أو حدثا , أو حالة معنوية
وهي أكثر تأثيرا من صفحات وصفحات مكتوبة
* ايزابيل الليندي

الاثنين، ديسمبر 19، 2005

مشنقة في فيلم كرتون *

يطلبون منا
الابتعاد عن الكائنات الكبيرة
يطلبون منا
الاقتراب من كائنات تدنو من الأرض
لم يذكروا بعد
ماذا نفعل مع البقية
اكتفوا بإشارة خفية
عن حرية ما لنا

دليل وحيد على أن الأيام تمر
نظافة السجاد
لمعان زجاج الموائد
رفرفة حواف الستائر
غير مصدرة
صوت ترابي واحد
أكوام الأطباق المنظمة
في الخزانة
تعلن جميعها
أن اليوم ما عاد قائما

العزلة ليست إلا لقاءات متكررة
في الذاكرة ..
استضافات في الخيال
لجماعات نختارها بعناية
فلم الهروب ..
من ضوضاء ..
لضوضاء ..
أخرى ساكنة .

تعلمنا صناعة الأقمشة
نحت الدمى
تثبيت الحبال
طباعة الأغطية والمفارش
لم يفكر أحد
في صنع علم
حتى كباترون صغير
ربما خشوا
أن نبنى وطنا جديدا .

علمني أبى
أن أطلق البخور حتى
يختفي أثاث الحجرة
فأسكن أماكن جديدة
لكن ..
أعواد البخور لم تعد كافية

لا تراه وأنت غاضب
إنك لن تراه ..
اللحظات التي استأنست بكما
ضحكاته التي تؤثرك ..
أفعاله المتكررة ..
التي تنبئ عن شيء عميق
صديقك ..
ذاك القديم
الذي يشبهك
ليس تماما ..
لكن كما رغبت ذلك
ادخل ذاكرتك باطمئنان
عد ..
كي تراه .

ليست الأطفال .. أكياسا نظيفة هكذا.
صحيح ..
أنها لم تعبئ بعد ..
لكن بها ثنيات كثيرة
وثقوب طبيعية

الجذور في الماء مبهرة
ليس لها أرجل ولا أيادي
تضرب بها ..
تسبح بقوة الماء ..
واستسلامها .

ربما نظل معا للأبد
الضفائر وبعض ساندويتشات المربى
قصص تأتى عفو الخاطر ..
اهتمامات صغيرة
بحجم مشابك الشعر البنية
لم يذكر لنا أحد ..
أن للأبد هذا ..
زمنا معينا

* عبير عبدالعزيز

الأحد، ديسمبر 18، 2005

درس آني في الحكمة



الحقيقة انني أدمنت زيارة المقابر، لكن مقابر اليوم ليست جميلة كمقابر الامس، لقد أصبحت مكتظة، انني عادة ما انصر أصدقائي، بل حتى الناس الذين لا أعرفهم، والذين يمرون بفترة ضيق ويأس بالذهاب الى المقابر أقول لهم : "ان المكوث لمدة عشرين دقيقة داخل مقبرة يكفي، لا للقضاء على اكتئابهم، لكن، تقريبا لجعله متجاوزا". مؤخرا صادفت فتاة أعرفها منذ مدة، وهي في حالة ضيق شديد جراء الحب، قلت لها: "اسمعي، انك على مقربة من مونبارناس، اذهبي هناك تنزهي لنصف ساعة من الزمن وسترين ان مصيبتك غدت مستحملة". ان زيارة مقبرة أجدى من مراجعة طبيب، جولة سريعة في مقبرة هي درس آني في الحكمة، شخصيا، مارست هذه الامور، ان ذلك ليس حلا، لكنه، نسبيا، مجد. ماذا بوسعنا ان نقول لانسان يلفه يأس عظيم؟ لا شيء. تقريبا، ان انجع وسيلة لتحمل هذا النوع من الفراغ هي ان يكون لدى الانسان وعي بالعدم، من دون ذلك، الحياة لا تحتمل، اذا كان لدى الانسان وعي بالعدم، فان كل ما قد يصيبه يحتفظ بنسبه العادية بعيدا عن النسب المجنونة التي تطبع الافراط في اليأس.
* سيوران

أخطاء بنوايا طيبة

إذا تعود إنسان على الكسل والتهويم والخمول , إلى حد أن يترك باستمرار عمل اليوم مهما كان هاما إلى الغد .وإذا عمد إنسان آخر على إيقاظه كل صباح بلسعات من سوطه واستمر في ضربه بلا شفقة , إلى أن يقتنع ذاك الكسول بالعمل , إن لم يكن عن رغبة فمن خوف , أفلا يمكن اعتبار صاحب السوط صديقا , وصاحب يد بيضاء على الآخر ؟
* بودلير

السبت، ديسمبر 17، 2005

لانهم أتو من ذلك الطريق




من أجل شعبي في كل مكان
يغنون أغاني العبودية بتكرار
ترانيم الجنائز وقصائد الغناء
وأغاني <<البلوز>> والمناسبات
يرفعون صلواتهم في الليل لإله
ويركعون بتواضع، لقوة لا نراها.
من أجل شعبي الذين يقدمون قواهم للسنين
لسنوات مضت، لسنوات ستأتي،
لسنوات ربما تأتي، ربما لا تأتي،
يغسلون، يكوون، يطبخون، ينظفون،
يخيطون، يرتقون، يجرفون، يحرثون،
يحفرون، يزرعون، يقلّمون، يلصقون،
يسحبون، وأبدا لا يربحون،
وأبدا لا يكسبون، وأبدا لا يعرفون،
وأبدا لا يفهمون.
من أجل رفاق اللعب في الوحل والغبار
والرمال، في ملاعب آلاباما الخلفية،
يلعبون، يُعمَّدون، يعظون، والأطباء،
والسجون، والجنود، والمدارس،
والأمهات، وتحضير الطعام،
وألعاب الأماسي، وحفلات الموسيقى
والمخازن، ودكاكين الحلاقين،
وشركات الآنسة <<تشومبي>> والمساهمين.
من أجل السنوات الحيرى، غير المقروءة جيدا،
ذهبنا الى المدارس لنتعلم، لنعرف أسباب <<اللماذا>>،
وأجوبة <<العن>>، والناس <<الذين>>، وأمكنة <<الأين>>،
وأيام <<العندما>>، في ذاكرة الساعات الحامضة،
عندما اكتشفنا أننا زنوج، فقراء، صغار،
ومختلفون، ولا أحد اهتم بنا، ولا أحد استغرب، ولا أحد فَهِم.
من أجل الأولاد والبنات الذين نشأوا
على الرغم من هذه الأشياء، ليصبحوا رجالا،
ونساء، ليضحكوا ويرقصوا ويغنوا ويلعبوا،
ويشربوا خمورهم وأديانهم ونجاحاتهم،
ليتزوجوا رفاقهم، ويحملن أطفالا،
ثم ليموتوا مستهلكين، او مرضى بفقر الدم،
او بالاعدام، من غير محاكمات...
من أجل شعبي الذي يمشي من غير بصيرة،
ناشرا الأفراح والمتع، مضيّعا أزمنة الوقت،
كسولا، ينام عند الجوع، صارخا عندما
تتراكم الأثقال، سكرانا، عند اليأس،
مُربَّطا، ومقيدا، ومتورطا بأنفسنا،
وبالكائنات المختبئة التي تحلق فوقنا،
وهي تعرف كل شيء، معرفة بلا حدود،
وتضحك،
من أجل شعبي، المتخبطين اضطرابا،
المتلمسين دربا، المتقدمين تعثرا،
في ظلام المدارس والكنائس والنوادي،
والجمعيات والروابط والمجالس واللجان
والدعوات، موجوعين ومزعوجين ومخدوعين
ومنهوبين من جياع المال، ومن المتطفلين،
الممتصين قشور الأمجاد، ينحنون مصلين،
لقوة دولة واثقة من نفسها، ولقوة بدعة
مستحدثة، ولقوة ولع مهووس مؤقت،
من أجل شعبي، واقفا، ناظرا، محاولا
ان يرتب حياة جديدة من خضم الفوضى
والارتباك، من خضم النفاق والرياء
وسوء الفهم، محاولا ان يهندس
عالما يحتمل كل الناس، كل الوجوه،
كل آدم وكل حواء، وجميع أجيالهما
التي لا تحصى ولا تعد.
فلتنهض أرضٌ، جديدة. وليولد
عالم آخر، وليُكتب سلامٌ دمويٌ
على السماء. وليتقدم إلى الأمام،
جيل جديد، عامر بالشجاعة.
ولتنم أجيال، جديدة من الناس
شغوفة بالحرية. ولينبض في أرواحنا
وفي دمائنا، جمالٌ جديد، مملوء بالعلاج
وبالشفاء، وبقوة حسم وإحكام أخير.
ولتُكتب أغاني الشجعان
ولتُخفَ جنائز الألحان
ولتنهض الآن،
سلالة جديدة من الرجال،
لتُمسكَ بالزمام.
مارغريت ووكر*

الجمعة، ديسمبر 16، 2005

بعيدا عن كل ما يحدث


وحالما تجد نفسك يائسا, تكون حرا, هل تصدق ذلك؟
أبدا لا توقظ الصراع الهاجع في وجه حزين.
سافر دائما نحو شيء شاسع ومجهول.
كن الخارج عن باستمرار, لا: في ولا مع
*فرنك أوهارا

الخميس، ديسمبر 15، 2005

ربما

نحن في قرارة أنفسنا نؤمن بالحب القديم، الحب الرومنتيكي، الحب الفائض عن الصفات
لكننا نسفّهه لأن العالم حولنا يسفهه، فيجعلنا نبدو أقلية مضحكة.
لقد سحق العالم العفوية، فأَرعبنا. نحن نعرف أننا ضعفاء، أننا مشقوقون بالعواطف مريضون بالجمال، لكننا نُظهر اللامبالاة
والخشونة لأننا نخاف الهزء والفضيحة.
* أنسي الحاج

الأربعاء، ديسمبر 14، 2005

اهتمام محدود , حرية أوسع

!ليس علي أن أنال رضا الجميع ]
وإنما أولئك الذين يهمونني حقاً وحسب , وهم ليسوا كثيرين] ايزابيل الليندي

هناك دائما الأسوء !

أيٌّ كانت الآلام ستكون هناك آلام أكثر
الليل أسود لكنه سيكون أشد سوادا
كانت جيدة حال من عاشوا ورحلوا في الميعاد.
إذن دعي القضايا البشرية لاتهمك بهذا القدر
الحظ كان مستقيما لكنه سيكون معوّجا.
والماء العذب سيكون مسموما.
ومن هو حكيم سيكون شقيا.
والأحمق سيلقى الحظ السعيد كأنه كفارة.

النجمة ستبزغ وسترحل على الفور.
وفي الإنتظار ستمر السنوات الفارغة.
وما سقط سيحترق في الخرائب.
* ميلوش

الثلاثاء، ديسمبر 13، 2005

تلفاز

تلوح المرأة بمنديل؛
الرجل بقبعة
يلوح الأطفال العائدون من المدرسة
بحقائبهم من نوافذ الباص؛
النازحون عبر الوديان
بالأطفال النائمين على أكتافهم
حين يسمعون هدير طائرة
يلوح الميت بشاهدة؛
الغريق ببقايا مجداف
يلوح الجنود بأذرعهم علامة النصر
أو بملابسهم الداخلية من أجل سيجارة
أو كيس أطعمة
يلوح الحشد بأعلام صغيرة للرئيس
يلوح هو بحرب أخرى

تلوح أمي عبر الهاتف بدموعها؛
ألوح أنا بالرحيل إلى بلد ثالث
أو رابع
أو
فيما العمر يواصل التلويح
بالنفاد
* كريم جواد

الاثنين، ديسمبر 12، 2005

.


أبكي
ليس لأني أشعر بالضعف
بل لأني أريد أن أتخلص منه

يوم عادي

ذلك اليوم تمضي إلى العمل
اليوم الأخير من العالم
ترى كل شيء للمرة الأخيرة
المقهى على جانب الرصيف فارغ
سائق التاكسي يغفو في مقعده
عمال المكاتب يسيرون في العاصفة
كل فرد يعمل مابوسعه
ليجعل اليوم الأخير
عادياً كأي يوم آخر
الهواء يهسهس عالياً عبر فتحات التهوية
يجعل التقويم يتراقص على الجدار
عمال الآلات الثاقبة في البناية المجاورة
يواصلون تكسير الإسمنت
عمال الطباعة والاختزال يطقطون على مفايتح الطابعات
النساء في الممر
يتحدثن عن أطفالهن

في ذلك تمضي إلى العمل
الشمس منخفضة عن خط الأفق
حمراء وهائلة، غروب ضال
كل فرد قرر ألا يلاحظ
ألا يحدق
وفي المصعد
لا أحد حاول أن يكون
لطيفاً على غير العادة

جوي كوغاوا*

الأحد، ديسمبر 11، 2005

بلا إجابات

_ ذاكرة _
الشمس ...
سخنت الحجر،
وأنا أضع أذني
عليه...
بأي لغة
يتكلم الماضي؟
_؟ _
إن مت الآن
وأنا لم أزل حالما..
فهل سيحلم بي
حلمي
حتى النهاية؟
*هاينز يانيش

ـــــــــــــــــ

أنت تمضي أيها المستقيم
دون أن تلتفت
لجمال التعرجات على الورق
أنت تملك الوصول
وأنا أملك السعة
* عدنان الصايغ

السبت، ديسمبر 10، 2005

استغناء مبكر



" سر الشيخوخة السعيدة ليس إلا في عقد اتفاق مع الوحدة "

*ماركيز

سعادة للبيع *

نحو منتصف بعد ظهر كل يوم، كان الموظف العجوز، المتقاعد، المدعو ميلون، يخرج من منزله، بصحبة زوجته أرمينيا، وابنته جيوفانا. كانت زوجته بدينة ومتقدِّمة في السن، وابنته هزيلة البنية وقد أصبحت الآن مسنَّة ومثل المخبولة. كان آل ميلون الثلاثة، الذين يسكنون ساحة "ديللا ليبيرتا"، يصعدون ببطء، على خطا أرمينيا السمينة، يمسحون شارع "كولادي ريانزو"، متأمِّلين واجهات المخازن الواحدة تلو الأخرى. وكانوا يغيِّرون الرصيف في ساحة ريزور جيمنتو" ويعودون، وهم يتابعون تأمَّل المحلات بالعناية ذاتها، نحو ساحة "ديللا ليبيرتا".‏
كان هذا الذهاب والإياب يستغرق قرابة ساعتين، الوقت الكافي للتجلُّد حتى تحين ساعة العشاء. ولم يعد أفراد عائلة ميلون الثلاثة، الفقراء جداً، يدخلون إلى قاعة سينما أو مقهىً منذ زمنٍ طويل. كان التنزُّه هو تسلية حياتهم الوحيدة.‏
وفي يومٍ من الأيام، وبعد أن خرجوا في الساعة المعتادة وصعدوا شارع "كولادي ريانزو" تقريباً حتى ساحة "ريزور جيمنتو"، لفت انتباه أفراد عائلة ميلون الثلاثة مخزن جديد، وكأنه فُتِح بطريقةٍ سحرية، في المكان الذي لم يكن حتى مساء أمس سوى حِباك مغبرّ. وكان صقيل الزجاج يمنعهم عن تمييز البضاعة. فاقتربوا، ثلاثتهم، من المخزن، ودون أن ينبسوا ببنت شفة، شكلوا نصف دائرةٍ على الرصيف وهم يصطفون أمام واجهاته.‏
كانوا يرون الآن البضاعة بوضوح: السعادة. كان أفراد عائلة ميلون الثلاثة، مثل جميع الناس هنا، قد سمعوا دائماً، الحديث عن هذه السلعة، ولم يروها قط. كانوا يتناقشون حولها هنا وهناك، كأنها شيء نادر جداً، فيصفها البعض بالخيالية، مشككين بوجودها الحقيقي تقريباً. وصحيح أن المجلات كانت تنشر من حينٍ لآخر مقالاتٍ طويلة مصوَّرة، يقولون فيها إن السعادة في الولايات المتحدة إن لم تكن عامة، فهي على الأقل سهلة المنال؛ لكن، كما نعلم، أمريكا بلاد بعيدة، والصحفيون يتخيَّلون أشياء كثيرة. وعلى ما يبدو، كانت توجد وفرة من السعادة في الأزمنة الغابرة، لكن ميلون، مثل كل الذين كانوا طاعنين في السن الآن، لا يتذكَّر أبداً أنه رآها.‏
وها هو متجر الآن، وكأن الأمر لم يحصل، وأن الموضوع يتعلَّق بالأحذية أو أدوات المائدة، يقدِّم صراحةً هذه البضاعة، لأي شخص يريد شراءها. وهذا ما يفسِّر دهشة أفراد عائلة ميلون الثلاثة المسمَّرين إلى الأرض، الجامدين أمام هذا المتجر الغريب.‏
ويجب القول إن هذا المتجر كان يُحسِن عرض بضاعته جيداً في واجهاته الكبيرة المؤطَّرة بحجر الترافرتين اللامع، وكانت لافتته من طراز عام 1900، وجميع إكمالاته وزيناته مصنوعة من المعدن المطلي بالنيكل . وفي الداخل أيضاً، كانت طاولاته على الطراز الحديث، وكان بائعان أو ثلاثة من الشبان الحيويين، أنيقي الملبس، يجذبون، بظهورهم فقط، الزبون الأكثر تردداً. وتظهر في الواجهات "السعادات" مثل بيض "عيد الفصح"، وهي معروضة حسب كبرها، وتوافق جميع الميزانيات. فيوجد منها الصغير والوسط والضخم، قد تكون مزيَّفة، وضعت للدعاية. وكان لكل سعادةٍ بطاقتها الصغيرة، مع السعر المدوَّن عليها بالأحرف الطباعية المائلة.‏
وانتهى الأمر بالعجوز ميلون إلى القول بسطوةٍ، معبِّراً عن أفكارهم: -هذا إذاً، لم أكن لأتوقع ذلك أبداً...‏
فسألته الفتاة ببراءة:‏
-ولماذا يا أبي؟‏
رد عليها العجوز بانزعاج قائلاً:‏
-لأنه، ومنذ سنواتٍ عديدة، يُقال لنا بأنه لا توجد سعادة في إيطاليا، وأنها تنقصنا، وأن استيرادها يكلِّف كثيراً... وها هم فجأةً، يفتحون مخزناً لا يبيعون فيه سواها.‏
قالت الفتاة:‏
-قد يكونون اكتشفوا منجماً.‏
فانبرى ميلون يقول مغتاظاً:‏
-ولكن أين، ولكن كيف؟ ألم يقولوا لنا دائماً إن باطن الأرض في إيطاليا لا يحتوي عليها؟... لا نفط، ولا حديد، ولا فحم، ولا سعادة... ثم، هناك أشياء ينتهي بنا الأمر إلى أن نكتشفها... هل تتخيَّلين... عندي شعور بأنني سأرى عناوين كبيرة تقول: بالأمس، كان "فلان" يتنزَّه في جبال "كادور"، واكتشف منجم سعادة من نوعيةٍ ممتازة... هيه، كلا، كلا... إنها بضاعة أجنبية.‏
وتدخَّلت الأم بهدوءٍ قائلة:‏
-حسناً، أين المشكلة؟ هناك، لديهم الكثير من السعادة وهنا، ليس لدينا شيء منها: إنهم يستوردونها... أين الغرابة؟"‏
رفع العجوز كتفيه حانقاً، وقال:‏
"حججٌ غير معقولة... هل تفهمين فقط ما هو معنى استيراد؟‏
هذا معناه صرف نقودٍ ثمينة... نقود بإمكاننا استخدامها لشراء القمح... إن البلد يتضوَّر جوعاً... نحن بحاجة إلى القمح... ومهما قلتِ، فإن الدولارات اليسيرة التي نجمعها بالحرَام، نقوم بإنفاقها على شراء هذه البضاعة، هذه السعادة!‏
ولفتت ابنته انتباهه قائلة:‏
-ولكننا بحاجةٍ أيضاً إلى السعادة.‏
أجابها العجوز:‏
-هذا شيء غير ضروري. قبل كل شيء، يجب التفكير في الغذاء.. أولاً الخبز، وبعد ذلك السعادة... ولكن على أي حال هذا بلد اللا منطق: أولاً السعادة، وبعد ذلك الخبز.‏
فلاحظت زوجته الحليمة:‏
-كم تغضب سريعاً! حسناً، أنت لا تحتاج إلى السعادة.. لكن الجميع ليسوا مثلك.‏
وخاطرت ابنته بالقول:‏
-أنا، مثلاً...‏
فردَّد الأب بنبرة مهدِّدة:‏
-أنتِ، مثلاً...‏
وتابعت الفتاة بيأس:‏
-أنا، مثلاً، سأشتري حقاً، واحدة، واحدة صغيرةً منها، لأعرف فقط كيف هي مصنوعة هذه السعادة.‏
فقال الأب مقاطعاً ومغتمَّاً:‏
-هيا بنا.‏
وتركت المرأتان نفسيهما تُقْتادان بطاعة. لكن العجوز كان الآن منزعجاً. فقال:‏
-لم أكن أتوقَّع ذلك منكِ حقاً، يا جيوفانا.‏
-ولماذا، يا أبي؟‏
-لأنها بضاعة من السوق السوداء، من محدثي النعمة، من أصحاب الملايين... إن موظفاً في "الدولة" لا يستطيع أن يطمح إلى السعادة ويجب ألا يفعل... وعندما تقولين بأنك تودين شراءها، تثبتين على الأقل عدم إدراكك...‏
كيف... نحن نؤجِّر غرفاً في منزلنا، ويصلني راتبي التقاعدي تقريباً في أول الشهر، وأنتِ... آهٍ، إنك تخيِّبين أملي، إنك تخيِّبين أملي.‏
غشت الدموع عينيّ ابنته. فقالت الأم:‏
-هل ترى كيف أنتَ، إنك تمضي وقتك في تأنيبها. ثم إنها لا تملك شيئاً في الحياة، وهي شابة، فأين الغرابة في أن ترغب في تذوُّق السعادة؟‏
-لا شيء... لقد استغنى والدها عنها، فهي أيضاً باستطاعتها الاستغناء عنها.‏
كانوا الآن قد وصلوا إلى ساحة "ريزور جيمنتو".‏
لكن، خلافاً لعادتهم، أراد العجوز، هذه المرَّة، العودة على الرصيف ذاته. وعندما وصلوا أمام المخزن، توقَّف، ونظر طويلاً إلى الواجهة، وقال:‏
-هل تعرفان ماذا أعتقد؟ إنها مزيَّفة.‏
-ماذا تريد أن تقول.؟‏
-حسناً؛ أمس فقط، كنت أقرأ في الجريدة أن سعادة صغيرةً مثل هذه، في أمريكا، أقول جيداً في أمريكا، تكلِّف عدة مئاتٍ من الدولارات... فكيف من الممكن أن يقدِّموها لنا بهذا الثمن؟ إن سعرها مع تكلفة النقل يكلِّف أكثر بكثير... إنها مزيَّفة، إنها منتجات محليَّة... لا يوجد في ذلك أدنى شك.‏
وجازفت الأم بالقول:‏
-لكن الناس يشترونها.‏
-وما الذي لن يشتريه الناس... سوف يكتشفون ذلك بعد أن يعودوا إلى منازلهم، خلال عدة أيام... غشاشون!‏
وتابعوا نزهتهم. لكن جيوفانا كانت تبتلع دموعها، وتفكِّر بأن السعادة، حتى المزيَّفة، ستعجبها..

البرتو مورافيا *

الجمعة، ديسمبر 09، 2005

؟؟؟


كان الفيلسوف الألماني شوبنهاور يتنزه في أحد الشوارع باحثا عن إجابات على الأسئلة التي تؤرقه قرر فجأة لدى مروره أمام حديقة المكوث فيها بضع ساعات والنظر إلى الأزهار,أحد سكان الجوار وجد سلوك هذا الرجل غريبا, فاستدعى الشرطة. بعد بضع دقائق اقترب شرطي من شوبنهار." من أنت" سأله بنبرة جافة .رمق شوبنهار الرجل الماثل أمامة من رأسه حتى قدميه.
" إذا استطعت الإجابة عن هذا السؤال, سأكون ممتنا لك إلى الأبد"

الخميس، ديسمبر 08، 2005

مقبرة مشاعر



ثمة ذكريات تشبه القصائد نائمة في أدراج الرأس. نتذكرها
اليوم، وغدا ننظر إليها مواربة، كأننا منشغلون بغيرها، وفي
ما بعد ننفض عنها الغبار.
لنقل مثل رسالة قديمة لـم نرسلها،
وشاقنا أن نقلب حروفها، لنمزقها أو لنعيدها ثانية إلى حيث:الأدراج مقبـرة مشاعر
بينمـا الغبار كمـا هـو باستمرار كفن
يخيطه النسيان أو الموت

كريم جواد*

السعادة أمر نادر

......................................................................................................]
......................................................................................................
......................................................................................................
.....................................................................................................
[ .....................................................................................................
بلى، هذا ما أتمناه!
لكن كيف هي الأمور في هذه الدنيا:
أحيانا تبدو متواضعة، كما نتعلم فقط شيئا فشيئا،
والسعادة في هذه الدنيا
دائما تخيّبك، في أي حال، قليلا.
إن كان لديك مال، لا يكون لديك امرأة.
إن كانت لديك امرأة، ينقصك المال.

دائما ثمة شيء.
اطمئن.
في كل سعادة خدش صغير.
ونرغب في الكثير: أن نملك. أن نكون.
وان يكون كل شيء صائبا.
لكن أن نحصل على كل شيء، فهذا أمر نادر.
* كورت توخولسكي

سامحت ولكنّي أذكر

" لم يكن الناس , بالفعل , يعرفون العفو من تلقاء أنفسهم , بل إن ذلك لم يكن في مقدورهم .إنهم عاجزون عن محو الخطيئة التي اقترفت . فهذا يتجاوز قدرات الأنسان وحدها .فالعمل على أن لا تُحسب الخطيئة , على أن تمحى وتشطب من الزمن , وبعبارة أخرىتحويل الشيء إلى العدم , هو فعل لا يمكن الوصول إليه . الله وحده يستطيع أن يفعل ذلك . "
* ميلان كونديرا

الأربعاء، ديسمبر 07، 2005

أنا ناقصة : )


لا بد من النقص
فالنصف الغائب يترك لنا مساحة تتحرك فيها حياتنا ..والاكتمال مدخل للاستغناء عن العالم , ومبرر للقضاء عليه
توهم الاكتمال يعني التوقف عن استقبال أي جديد قادم , وشطب أي قديم ليس جزءا من اكتماله .النقص يعطي فرصة , فهي علاقات تبادل بين نواقص .إذا الكون تشاركي .
أليس الاكتمال موتا ؟ .. نعم .. يا للغرابة !
النقص بدء الحرف , مبرر الالتفاتة , علة الخطوة , محرك التلويحة ..النقص وقوف أمام بقالة , نفخ بالونة ,
النقص مشاهدة فيلم , الأكل , التدخين
نضحك على نقص , لا على اكتمال
نبكي من نقص , لا من اكتمال
نحيا بنقص ..
شخصيا , لا أبحث عن النصف الغائب , المفقود , بل أتحرك في الفضاء الذي يخلفه , أتحرك..طليقاً ! .. لأني ناقص ..!
* صلاح دبشة

الثلاثاء، ديسمبر 06، 2005

أشياء كثيرة صارت شيئا واحدا







يرشق الإبرة في عينه
و هو يظن أنها الحائط


لا يزال مصممًا على أن يحني ظهره

حين يدخل باب دكانه الواطئ

مع أن ظهره انحنى

من تلقاء نفسه.

يوهمه الأطفال

، بعد أن يأكلوا الحلوى،

أنهم أدخلوا له الخيط

في ثقب الإبرة

فيظل يخيط طول النهار

دون خيط.

كان قد بدأ حياته

بخياطة جلباب بنّي

و الآن يختمها

بخياطة جلباب لونه بنّي أيضًا.

و لأنه صار يخرف

فإنه يوبخ نفسه طول الوقت

لأنه قضى عمره كله

في خياطة جلباب واحد.

* عماد أبو صالح


عبيد المعايير

كل ما يهم هو أن يكون المرء كما هو , ألاّ يحمر خجلا من كونه يريد ما يريد , يرغب فيما يرغب فيه .الناس عبيد المعايير . قال أحدهم يوما , إنه ينبغي للمرء أن يكون مثل هذا أو ذاك , وعند ذلك اجتهدوا في أن يكونوه ,ولن يعرفوا ما كانوا ولا ما هم عليه , وبالتالي فهم ليسوا أحد ا .. يجب على المرء فوق كل شيء أن يجرؤ ليكون هو نفسه
كونديرا

: )



لا يمكن الإنسان أن يكون سعيدا الا عندما يكف عن الإفتراض بأن هدف الحياة السعادة.

تطمح اللغة السياسية الى جعل الأكاذيب قابلة للتصديق والجرائم جديرة بالإحترام، والى منح مظهر الصلابة لما ليس سوى هواء.

عندما يُـقتل أحد زوجين، تـبادر الشرطة فورا الى التحقيق مع الزوج الثاني: وتلك لعمري أبلغ دلالة على رأي الناس الحقيقي في الزواج.

لكلّ رجل في عمر الخمسين الوجه الذي يستحقّه.

عواقب فعل ما متضمنة في الفعل نفسه.

عندما يقول أحد ان كاتبا ما رائج، فهو يعني عمليا أنه يحظى بإعجاب من هم دون الثلاثين.

الروايات الجيدة لا تكتب على ايدي أشخاص تقليديين، ولا على أيدي اولئك الذين يعون بشدّة مدى عدم تقليديتهم. الروايات الجيدة تكتب ببساطة على ايدي من هم ليسوا خائفين

ليست السيرة الذاتية جديرة بالثقة الا عندما تكشف شيئا مخزيا. فالرجل الذي يعطي صورة طيبة عن ذاته هو كاذب على الأرجح، لأن أي حياة ترى من الداخل لا يمكن ان تكون سوى سلسلة من الهزائم.

مخترع اليوتوبيا شبيه برجل يعاني وجعا في ضرسه، ويظن أن السعادة تكمن في ألا يعاني المرء وجعا في ضرسه.

جورج اورويل , ترجمة : جمانة حداد

الاثنين، ديسمبر 05، 2005

طريق طويل



على مقود الشيفروليه عبر طريق سينترا،
وتحت ضوء القمر والحلم عبر الطريق الصحرواي
أقود وحيدا، أقود ببطء تقريبا و يبدو لي قليلا، أو
أحاول قليلا كي يبدو لي ، أنني أواصل عبر طريق آخر،
عبر حلم آخر، عبر عالم آخر،
أنني أواصل دون أن أترك لشبونة ورائي
أو سينترا التي انا ذاهب اليها
أنني أواصل وماذا يمكن أن يكون هناك سوى أن أواصل
دون توقف وأن أتابع؟
سأقضي الليلة في سينترا
لإنني لا أستطيع تقضيتها في لشبونة
لكن ما إن أصل إلى سينترا إلا وسوف أتألم
لأنني لم أبق في لشبونة.
دائما هذا القلق الذي بلا هدف، بلا رابط، بلا نتيجة
دائما، دائما، دائما، غم الروح هذا المجاوز للحد بلا طائل.
علي طريق سينترا، أو علي طريق الحلم ، أو علي طريق الحياة...
منساقا لحركاتي اللا شعورية علي المقود
معي ومن تحتي تعدو تلك السيارة المعارة
أبتسم للعلامة، وأنا أستدير لليمين وأفكر
كم من أشياء معارة أمضي بها عبر العالم !
كم من أشياء أعارونيها أقودها كأنها ملكي !
يالي! كم من أشياء معارة أكونها أنا نفسي !
على اليسار ثمة عُشَّة، نعم عشة، علي حافة الطريق.
علي اليمين، الحقل الممدود، والقمر علي البعد.
السيارة، التي كانت تبدو منذ قليل وقد منحنتني الحرية
ها أنا الان محبوس داخلها
فقط يمكنني أن أقودها وأنا محبوس داخلها
فقط أسيطر عليها إذا مااحتوتني واحتويتها.
إلى اليسار، الآن إلى الخلف، العشة البائسة
الاكثر من بائسة.
هناك لابد أن تكون الحياة سعيدة، فقط لإنها ليست حياتي
لو رآني أحد من النافذة، سيحلم، نعم سعيد هو ذلك الرجل
للطفل الذي كان يترقب من وراء زجاج نافذة الطابق الأعلى
ربما غدوت ( بالسيارة المستعارة) كحلم، كجنية حقيقية.
للصبية التي عند سماعها صوت المحرك
ألقت نظرة من شباك المطبخ ، من الطابق الأرضي
ربما كنت كمثل ذلك الأمير الساكن قلوب كل الصبايا
بطرف عينيها وهي ملتصقة بالزجاج، تتابعني
حتى المنعطف الذي أتلاشى فيه.
أأخلف أحلاما من ورائي، أم ترى هي السيارة التي تخلف الأحلام؟
أأنا قائد السيارة ، أم أنا السيارة المعارة التي أقود؟
على طريق سينترا وفي نور القمر
بينما أقود الشيفروليه المعارة
وأنا مفعم بالحزن أمام الليل والحقول
أضيع في طريق المستقبل،
وأغوص في المسافة التي أبلغها،
وبرغبة فظيعة، مباغتة، عنيفة، لا معقولة،
أزيد سرعتي...
لكن قلبي بقي هناك في ركام الأحجار
الذي حدت عنه لدى رؤيته ومن دون أن أراه،
على باب العشة،
قلبي الفارغ،
قلبي النهم
قلبي الأكثر إنسانية مني والأكثر كمالا من الحياة.
علي طريق سينترا علي حافة منتصف الليل،
علي نور القمر، وعلى المقود
علي طريق سينترا، يا لتعب مخيلتي.!
علي طريق سينترا، أقرب فأقرب من سينترا
علي طريق سينترا ، أبعد فأبعد من نفسي.
فرناندو بيسوا *

سرقة مباحة ..



لابد أن تموت أمامي.
موتُ أحبّائنا فرصةٌ رائعةٌ لنبحثَ عن بدائلَ.
في قطارات شرق الدلتا، تعوَّدتُ أن أختارَ سيّدةًمُناسبة،
تفتحُ لي خزانةَ تعاطُفها، عندما أُخبرها بموتِ أُمي وأنا في السادسة.

في الحقيقة
حدث هذا وأنا في السابعة،
ولكن "السادسة" تبدو بالنسبة لي أكبرَ تأثيراً،
فالأُمهاتُ في منتصف العمر يُدمنّ الحُزن،
ربما لتبريرِ حدادٍ سابقٍ لأوانِه.
والرتوشُ البسيطةُ أثناءَ الحَكْي،
لها سِحرٌ،
لن يفهمَه أبداً
مَن لم يضطرّوا لسرقة حنانِ الآخرين.
* إيمان مرسال

الأحد، ديسمبر 04، 2005

coffee time




القهوة التي أشربها كل صباح
تدخلني بسر الحقول التي أنجبتهافي أمريكا اللاتينية.
القهوة التي اشربها كل صباح
تدخلني بسر الجثث التي دفنت تحت الحقول التي أنجبتهافي أمريكا اللاتينية.
القهوة التي أشربها كل صباح
تدخلني بسر الأيدي التي دستها في حقول أمريكا اللاتينية.
كل صباح أشرب
قطعة من الأرض الغربية مرت عليها الشمس والماء والريح
كل صباح
أشرب حضارة المايا فردا فرداً
كل صباح أشرب حسابات الفلك والزرع
وآثار التفاصيل العائلية التي دخلت مزاج الفلاحين
قبل وأثناء الزرع والري والحصاد
كل صباح
يدخلني صيف وغناء يخفف
من قسوة العمل.

*هدى حسين

: |


الجدران
التي تقسّمُ الحياةَ إلى
ملاجئَ
وسجون
ٍبيوت ٍ
غرفْ
حدائقَ
مقابرَ
ومستشفياتْ
ملاعبَ
ملاهٍ
مطاعمَ
مقاهٍ
...
يحاذيها الفقيرُ
كأنهُ السّهمُ
..بهِ
يرسمُ الشارعْ .

_ 2_

الستارة ُلا تعرفْ
كم تحتاجُها العينْ
تحتمي بها منَ الشارع

الستارة ُلا تعرفْ
كم يحتاجُها الشارعْ
ليحلمْ . *
* هالا محمد

مواطن من العالم



إنني من البيرو، حيث ولدت، ومن اسبانيا وانكلترا وفرنسا على حد سواء. أشعر بأنني في بيتي في كلّ من هذه البلدان الأربعة حيث اعيش بالتناوب. أنا في الحقيقة مواطن من العالم. أنتمي الى عائلة اولئك الذين لا يكفّون عن البحث. وقد رفضتُ أن أُحتجز في ظرف واحد، ولغة واحدة، ومشهد واحد. قررتُ الخروج من سجن القبيلة، من هذه الإدانة التي تفرضها علينا ظروف ولادتنا بأن نظل كما نحن. *
ماريو فارغاس يوسا*
* ترجمة : جمانة حداد

السبت، ديسمبر 03، 2005

بلا أدني خجل

رغم كل ما حدث

هل كنتي خائفة حقا ؟

نعم .. نعم

كنتي خائفة بينما تسألينني بصوت واهن ومرتعش :

( ـ أي جراحة تلك التي يتحدثون عنها ؟ )

كنتي خائفة وأنا أجيبك بابتسامة شاحبة :

( ـ مجرد جراحة بسيطة .. لا تقلقي )

أتعرفين ؟

لم أبك

نعم .. لم أبك

بينما كانوا يحملونك إلى القبر

لم أبك

ماذا كنتي تظنين ؟

هل كان من السهل أن أصدق

أنك عشت حياة طويلة وقاسية

ثم مت هكذا

بمنتهى البساطة ؟

هل كان من السهل أن أعترف

أن الألم لم يفارقك حتى اللحظة الأخيرة

ثم أصبحت مجرد ميت عادي

تنتهي سنوات عمره بنفس الطريقة ؟

كيف ؟

لا .. لا

لم أبك

رغم ذهولي من استمرار الكائنات

في ممارسة الحياة المعتادة

بلا أي تغير

كأن شيئا لم يحدث

نعم .. لم أبك

لكن

هل تتذكرين بائعة اللبن ؟

تلك التي حينما كانت تأتيك لتشتري منها

كنت تدخلينها المنزل

وتجلسينها

وتعدين لها طعام الإفطار

وتجلسين معها لتبادل الود والمواساة ؟

هل تتذكرينها ؟

تلك التي حينما سألتك عنها ذات يوم

وعن لماذا تفعلين معها ذلك

أجبتيني بأنها مسكينة

تخرج من بيتها في الصباح الباكر

دون أن تضع شيئا في جوفها

ثم تظل طوال النهار

تمر على بيوت كثيرة

حتى ينالها التعب

هل تتذكرينها ؟

لقد جاءت إلى المنزل اليوم

كأنني أراها للمرة الأولى

لم أنتظر لتكمل : ( البقية في حياتك )

تركتها متجها لغرفتي

وفي النافذة

وبينما أتطلع إلى ملامح الشارع

الذي كنتي تسيرين فيه كثيرا

لا .. لا

هذه ليست دموع

أنا فقط كنت أريد أن أقول لك :

( حاولي

ألا

تتذكري

شيئا )*
* ممدوح رزق

حوار**


.

في كتابكَ الصادر للتو في عنوان "الوعي"، يقرر غالبية الناخبين في أحد البلدان التصويت بورقة بيضاء احتجاجا على قادتهم المجرّدين من أي قيم أو مبادىء. لا تستطيع أن تتخيّل كم أن هذا الموضوع يضرب على وتر حسّاس في بلادنا، لا بل كأنّه مفصّل على قياس وضعنا الراهن بالذات، فما رأيك أن نفتتح به؟
- بداية دعيني أؤكّد لكِ أنّ هذه المسألة مفصّلة على قياس كل البلدان التي تدّعي الديموقراطية في ايامنا الحاضرة. "الوعي" عمل تخييلي وهجائي ودرامي في الوقت نفسه، يتناول موضوع تدهور الديموقراطية في ممارسات الأنظمة التي يديرها مسؤولون فاسدون: هل تستطيعين أن تدليني على بلدٍ واحد يشذّ عن هذا الشواذ؟ يقال لنا باستمرار: الديموقراطية هي أهون الشرور، لكن "أهون الشرور" ليس بالحلّ المرضي ولا الكافي، وتكرار تلك اللازمة مرادف لعملية غسيل للأدمغة، إذ انّه يمنع الناس من البحث عن بديل أفضل. الديموقراطية ليست نقطة وصول بل نقطة انطلاق، وبهذا الكتاب أردتُ أن ألفت السلطات السياسية الى المأزق الذي وقعنا فيه: لقد مضت أعوام كثيرة على ولادة الديموقراطية من دون أن يتغيّر فيها شيء الى الأفضل، من دون ان يتوقف التلاعب الفاضح، المباشر أو غير المباشر، بالرأي العام، ومن دون أن يشفى السياسيون من مرض الفساد والجشع وإخفاء المعلومات والخضوع الذليل للسلطة الاقتصادية.

أنت إذا من خلال الدعوة الى "الوعي"، تدعو الى الثورة؟
- لا، أنا لا أريد تغيير العالم ولا قلب الأنظمة. أريد أن اقول حقيقة الأمور فحسب، أن أطرح السؤال، أن أشير بإصبعي الى المشكلة. لقد تحولت الديموقراطية الى كاريكاتور خلال الأعوام الأخيرة، الى مهزلة، الى فقاعة صابون. نشعر بأننا احرار لأن هناك برلمانا وحكومة ومجموعة من الخيارات الحزبية المتوافرة، لكننا لا ننتبه الى أن تغيير شكل الحكم في ذاته أمر مستحيل. عموما، أظنّ ان الجميع بات يعلم أن هذه الصيغة فاشلة. لذلك اقترح الآتي: إذا لم نكن راضين عن الوضع، لنصوّت بورقة بيضاء بدل أن نمتنع عن التصويت. فخلال دورة الانتخابات الأخيرة في الولايات المتحدة، صوّتت نسبة 39 في المئة من الشعب فحسب، إلا ان ذلك لم يحل دون سير النظام كما لو أن شيئا لم يحدث.
هذا لأنّ "لا" الإمتناع مختلفة عن "لا" الورقة البيضاء.
- جدا. "لا" الإمتناع سلبية، جامدة، كسولة، رخوة. إنّ الـ"لا" في رأيي يجب أن تُسمع، أن تقال بصوت عال، أن تكون هجومية وصاخبة. "لا" الامتناع صامتة، لا يسمعها احد، لا تملك نخاعا شوكيا. فأولئك الذين لم ينتخبوا ربما ما كانوا يرغبون في الخروج من البيت، ربما كان الطقس ماطراً، ربما هم لا مبالون، ربما ذهبوا الى البحر. أما ذاك الذي صوّت بورقة بيضاء، فقد ارتدى ملابسه وخرج من منزله وذهب الى مكتب الاقتراع وأسقط تلك اللا الناصعة في الصندوق. أي
أنه معني فعلا بما يجري *
** أجرته جمانة حداد
* جوزيه ساراماغو

س ي ا س ة

الناس يحترفون السياسة لأنها أقرب سبيل لنيْل السلطة أوّلا، ولأنها السبيل الأهون كما يظنّون. وهم كمرضى لا يهمّهم أن يحترفوا هذه اللعبة المميتة جهلاً بطبيعتها. بل يفعلون ذلك برغم علمهم أنها لا تهب نفسها دون خيانة الضمير، ودون التحلى بالنذالة، ودون اراقة الدماء . أى انهم مجرمون عن سبق اصرار. ولا يدركون أنها سعادة لا تترك عشّاقها إلاّ أمواتاً إلاّ بعد فوات الأوان. ولهذا لا نغالى اذا قلنا ان هذه الملّة هى ملّة من سلالة لا تعترف بناموس لأنها تمارس عملاً لا أخلاقياً وهى أعلم الخلق بلا أخلاقيته. وكى تخدع بلهاء الناس تدّعى بوقاحة أنها تضحى بنفسها فى سبيل انقاذ العالم. وهى لا ترتدع عن ضلالها إلاّ مرّتين: يوم تفقد السلطة، ويوم تهجع على فراش الموت
* الكوني.

الخميس، ديسمبر 01، 2005

من أنا ؟





لقد أخفقتُ في كل شيءلكني إذ لم أكن طموحا،
لم يكن ربما هذا الكلّ شيئا يُذكر.
المبادىء الصالحة التي علّموني إياها،هربتُ منها عبر نافذة الفناء.
ذهبتُ الى الحقول حاملا مشاريع كبرى،
لكني لم اجد هناك سوى العشب والشجر،
والناس- حيث ثمة ناس- كانوا يشبهون الجميع.
أتركُ النافذة، أجلسُ على كرسيّ.
في مَ يجب أن أفكر؟
ماذا أعرف عمّا سأصيره، أنا الجاهل ما أنا؟
يجب أن أكون ما أفكر فيه؟ لكني أعتقد اني هكذا وأكثر!
كثر يعتقدون الشيء نفسه، كثر حد أنه لا يمكن ان يكون ذلك صحيحا!
نابغة؟ في هذه اللحظة بالذات مئة الف دماغ ترى نفسها في المنام نابغة مثلي
ولن يحفظ التاريخ منها ربما- من يعرف؟- حتى دماغا واحدا
؛قمامة: ذلك جلّ ما سوف يبقى من هذه الفتوحات المستقبلية.
لا، أنا لا اؤمن في نفسي.
في كل المصحات العقلية هناك مجانين يسكنهم اليقين ذاته!
انا الذي لا يقين لي، أتراني أكثر تيقنا، أتراني أقل؟
لا، لستُ حتى متأكدا مني...
في كم من علّيات العالم ومن لاعلّياته
يحلم في هذه الساعة عباقرةٌ في نظر أنفسهم؟
كم من المطامح السامية والواعية والنبيلة- أجل، سامية وواعية ونبيلة حقا-
ومن يعرف، ربما قابلة للتحقيق ايضا...
سوف لن ترى قط ضوء الشمس الحقيقي
وستجد آذانا صماء؟
العالم ملك من يولد ليغزوه،لا ملك من يحلم،
وإن عن حق، بأنه قادر على غزوه.
لقد حلمتُ أكثر مما حلم نابوليون بكثير،
وسرّا صغتُ فلسفات لم يكتبها أي كان،
لكني سأظل، الى الأبد ربما، كائن العلّية،
من دون ان تكون هذه حتى بيتا لي:
سأكون دائما ذاك الذي لم يولد لتلك الغاية؛
سأكون دائما ذاك الذي يملك هباتٍ، ليس اكثر؛
سأكون دائما ذاك الذي ينتظرأمام جدار بلا باب
أن يفتحوا له الباب
* بسوا

....


حين خرج نلسون مانديلا من السجن بعد حوالي ربع قرن وانتقل الي رئاسة الدولة قيل لـه
هل اخرجت الكراهية من قلبك؟
رد قائلاً: وهل أدخلتها بمشيئتي لكي اخرجها بمشيئتي .. انهم ادخولها بي وعليهم اخراجها

نصلُ متأخرينَ .. إلى الموت**


-
يقولُ لها : أموتُ فيكِ
تقولُ له : أموتُ فيك
اللغة العربية . تحَوِّلُ الحبَّ .. إلى مقبرة
-
لا أخاف الموت
شاهدته كثيراً . يأخذ أحبابي
-
لا أعرفُ إنْ كان موتي بعيداً أم قريباً
لكنني أرى الموتَ أحياناً يقطع الشارع مُلوحاً فالتزم بالوقوف .
أمامَ الإشارة الحمراء
-
مَن يضمنُ لي إنْ رفعت ملعقة الحساء
إلى فمي أنْ أعيدها إلى الطبق
الموتُ .. يطلُّ من نافذة . بحجم مِلعقة
-
للأسف أولُ ما يموتُ القلب
ثم تعلن الأعضاء إضراباً جماعياً عن العمل
-
قد يموتُ المخ أولاً
ويبقى القلبُ نابضاً في محاولةٍ يائسة لتذكير المخ
. بمعني الصداقةِ الوفية
-
َ ميتٌ .. ومَيت أحدهما يُدفن في المانشيت الرئيسي لجرائد الصباح
والآخر . في قبر بلا شاهد
-
كنتُ أتمنى أنْ أقولَ لكم شيئاً طيباً عن الموت
حسناً إنْ كان أحدكم مَديناً
فسوف يعفيه الموت
من سداد الديون
* ابراهيم المصري
** مقاطع من النص