.

الأربعاء، ديسمبر 26، 2007

يبدو هذا العمر فائضا عن الحاجة .

إنني أفكر كثيرا بسبنسر العجوز , وعندما تفكر فيه كثيرا فإنّك سوف تتساءل عن السبب الذي يجعله يواصل الحياة . فهو شديد الانحناء , وقامته شديدة التشويه وفي الفصل , عندما تسقط منه الطبشورة , ينهض دائماً أحدالطلبة الجالسين في المقدمة ويلتقط الطبشورة ويضعها في يد سبنسر العجوز , وهذا في رأيي شيء مؤلم .

ولكنّك عندما تفكر في هذا كثيراً , لا كثيراً جداً , عندها ترى أن وضع سبسنر العجوزليس بكل هذا السوء . مثلاً , كنت في يوم أحد مع بعض الطلبة في بيته وكنا نشرب الكاكاو الساخنة . ثم عرض أمامنا تلك البطانية (النافاجو) التي اشتراها وهو وزوجته من أحد الهنود في حديقة ( بلوستون) , وكان بإمكانك أن ترى بوضوح أن سبنسرالعجوز كان سعيداً لأنه اشترى تلك البطانية .هذا ما أعنيه أن ترى إنساناً طاعناً في السن مثل سبسنر العجوز فرحاً جداً بشراء بطانية .
ج.د.سالنجر - الحارس في حقل الشوفان .

الأحد، نوفمبر 11، 2007

جاء نوفمبر مرة ثانية ومازلت أمر من هنا

هناك على الطريق شمال تامبيكو
في صحراء يعز فيها سماع صوت أي صوتأ
حسست لأول مرة كأنني ألفظ أنفاسي
كنت وقتها في السابعة وقد استلقيت في السيارة أراقب حركة
أشجار النخيل تدّوم أمام الزجاج مشهدا رتيبا مقززا
كانت معدتي قد انفلقت كبطيخ في جوفي .
سألت أمي مستجدية :" كيف تعرفين أنك تموتين ؟
"الأيام تمضي ونحن في سفر متواصل
بادرتني في ثقة غريبة :" حين لا تستطيعين قبض يدك "
مرت السنوات صرت أبتسم كلما جالت بخاطري تلك الرحلة
الحدود التي لم نعبرها سويا ظلت وحدها
ماثلة فينا بلا إجابات
أنا التي لم أمت .. التي لم تزل على قيد الحياة
أجلس في الركن مستلقية خلف كل أسئلتي
أقبض يدي الصغيرة تارة
وأبسطها تارة أخرى .

نعومي شهاب

السبت، سبتمبر 29، 2007

متعتي الخالصة هذا الصبـاح

كلُّهم يعرفون أنّ دقيقة العُمر
مرةً تأتي
ويعرفون أن الفرح فيها
أَحلى من الحزن
لكنّهم لا يصدقون أَنفسَهم .
**
حائرٌ أنا
بين أن يبدأ الفرح
وألاَّ يبدأ
مخافةَ ينتهي .
**
لا أحسدُكَ
على معرفتِك
مصيرَ كلٍّ منّا
لأنك قد تبكي على مصيرٍ حزين
بينما صاحبُهُ سهران يضحك
وتعرفُ الفرحَ قبلَ وقوعِه
فلا ترى مثلَنا
لذّة المفاجأة .
**
كيف أُفْهِمك
يا عصفورَ قَفَصِنا
إنني أنا غيرُ أَهلي
لا أُحبُّ أن أقتني
لا أقفاصا ولا عصافير .
**

أذهب إلى المدرسة وأغمض عيني
أقول أتى المساء
ثم افتحهما
وأرى أن الوقت لم يرحل بعد
ألف مرة أغمض عيني
وأقول أتى المساء
إلى أن يأتي
**

أليس في كل ثانية من الحياة ،
إنسان يضحك ؟
إذن في الأرض ضحك متواصل
***

جلست أُمي أمام الموقد تخبرني قصة
قالت : كان رجل يعمر بيتا
كان فقيراً وجمّع الأحجار حجراً حجراً
أتى بها من الأحراج والغابات
وأتعبه العمل لكنه أكمل قائلاً في نفسه :
أعمر بيتاً أسكنه لباقي العمر .
وظل يعمر طول عمره
وعندما انتهى البيت ، انتهى صاحب البيت
وقلت لأُمي :
هل انتهت القصة ؟
فقالت أُمي :
نعم .
**

لو عددتُ درجات بيتي
وكم من مرة صعدْتُها
لَكَانَ هذا درجاً طويلا
يخترق السحب
ولو عددتُ ضحكات أمي لي
لرافقتْني طوال صعودي
ووقعتْ مِن بَعدي الضحكاتُ على الدرج
وأزهرتْ زهرا .
**

الطفلُ متى عرف أنه من أسراب الطفولة البريئة
لم يعدْ منها .
الطفلُ متى صار يعرف
كيف يرسم المهندسُ البيتَ
هربتْ من صُوَره
خطوطُ الحبّ
والجمالِ الصغير .
البسيط متى عرف أنه بسيط
لم يعدْ بسيطا
الإنسانُ متى عرف الحقائق
سقط عن سرير الأحلام .
زياد الرحباني

الاثنين، سبتمبر 24، 2007

الحجّـار

يؤنسني الخروج في ليالي الصيف لمراقبة الحجار وهي تنمو. أظنّ أنها تنمو هنا في الصحراء، حيث الطقس الحارّ والجافّ، على نحو أفضل منه في أي مكان آخر. أو لعلّ الصغار من الحجار فقط هم الأكثر نشاطاً هنا، فهم ينزعون الى التقلقل بدرجة تفوق ما قد يعتبره كبارهم في السنّ مؤاتياً لهم. كذلك فإن لدى معظمهم رغبة سريّة، كانت رغبة آبائهم قبلهم، لكنها غابت عن ذاكرتهم منذ عهود سحيقة. ولأنّ هذه الرغبة تتصل بالماء، لا يُؤتى على ذكرها بتاتاً. فالمسنّون من الحجار يستنكرون كل ما له علاقة بالماء، ويعتبرون «أنّ الماء ذبابة لا تقيم البتة في مكان واحد المدة الكافية لتعلّم أيّ شيء كان». لكنّ الحجار الصغار يحاولون ببطء، ومن دون أن يسترعوا انتباه كبارهم، زعزعة أنفسهم إلى وضع غير مستقر، على أمل أنّ سيلاً مائياً كبيراً وعظيماً، أثناء عاصفة صيف، قد يستطيع جرفهم رغماً عن إرادتهم - كما هو مفترض - ودفعهم الى الأمام، فوق منحدر، أو إلى أسفل ساقية صغيرة. وعلى رغم ما يتضمنه هذا الفعل من مخاطرة، فإنهم يرغبون في الترحال ورؤية أماكن أخرى من العالم، ومن ثم الاستقرار في مكانٍ جديد ناءٍ عن موطنهم الأصل، حيث يمكنهم إقامة سلالاتهم الحاكمة بعيداً من هيمنة الآباء. ومع أن الروابط العائلية بين الحجار وثيقة جداً، الكثيرون من الصغار، الأكثر جرأة، نجحوا في مسعاهم وحملوا ندوباً تثبت لأبنائهم في ما بعد أنهم ذات مرة خاضوا غمار رحلة، شَذر مَذر، وعبر مياه مرتفعة، وقطعوا - ربما خمسة عشر قدماً - مسافة لا تصدّق. ولكن مع تقدمهم في السنّ، فإنهم يحجمون عن التباهي بمغامرات سريّة كهذه. أمرٌ صحيحٌ أنّ الكبار من الحجار يغدون جد محافظين، ويعتبرون كل التحركات، إما خطرة أو محض آثمة. وغالباً ما يسمنون. السُمنة حقيقةً علامة فارقة تميّزهم.وفي ليالي الصيف وبعد أن يخلد صغارهم إلى النوم يتحوّل الحجار الكبار إلى موضوع جدّي ومهيب: القمر. وهو ما يُحكى عنه دائماً بالوشوشة. «أَترون كيف يشعّ وينطلق برشاقة عبر السماء، مغيّراً شكله على الدوام»، يقول أحدهم. ثم آخر «انظروا كيف يجذب نفسه صوبنا بشدّة ويستحثّنا كي نتبعه». ثم ثالث يهمس «هو حجر أصابه الجنون».
[ ريتشارد شيلتون ]

الجمعة، سبتمبر 07، 2007

حيث الأفكار كرات حديدية اصطدم بها

ذلكَ هو الخللُ الرئيسي في كلِ ما هوَ بشريّ، أنَّ الشئَ الذي نشتهيهِ لا ننالهُ إلا من خلالِ ممانعتِنا له. هل يجبُ أن أذكرَ جميعَ المتلازماتِ التي ستبقي عالمَ السلوكِ مشغولاً عليها (المتجهمُ يملكُ أكبرَ قدرٍ من حسِ الفكاهةِ، غير المتعقلِ يملكُ أكثرَ الصورِ إبداعاً، المتهتكُ هو أكثرُ الناسِ أخلاقاً، المتشكك هو الأقوى إيماناً) بكل بساطةٍ تذكر أنه من خلال الإثمِ يمكنُ للشخصِ أن يرى الخلاصَ أولَ مرة.
**
ماذا لو أنَّ كل شئٍ في هذا العالمِ هو عبارةٌ عن سوءِ فهم؟ ماذا لو أنَّ الضحكَ في الحقيقةِ هوَ بُكاء؟
***
أليسَ البشرُ معتوهين؟ إنهم لا يستخدمونَ أبداً الحرياتِ التي يملكونها، بدلاً عن ذلك هم يطالبون بالحرياتِ التي لا يملكون؛ إنهم يملكون حريةَ التفكير، و لكنهم يطالبون بحريةِ التعبير.
*****
من بين كل الأشياء السخيفة و المضحكة في العالم، ما يصدمني كالأكثر سُخفاً و إضحاكاً هو أن تصبحَ مشغولاً، أن تصبحَ رجلاً مستعجلاً في ذهابِه إلى طعامه، في ذهابهِ إلى عملِه. و بعد ذلك، عندما تأتي اللحظة الحاسمة، أرى ذبابةً تهبط فوقَ أنفِ رجل الأعمال، أو عربةً مستعجلةً تدفعه إلى الوحل، أو جسراً مُعلقاً يُرفعُ قبل عبورِه، أو طوبةً من أعلى تسقطُ على رأسهِ فتقتُله، حينَها، أضحكُ من أعماقِ قلبي. من يستطيعُ أن لا يضحك؟ إذ ماذا يظنون أنهم سيحققون، هؤلاء المستعجلين المشغولين؟ أليسوا كربةِ المنزلِ التي في فوضى حريقِ منزلِها، قامت بتخليصِ ملقطَ الفحم؟ ما الذي يستطيعون أن ينقذونه من نار الحياة العظيمة؟أ
إما/أو
مقتطفات من كتاب سورين كيركيجارد

الأحد، سبتمبر 02، 2007

لو ! لو

ندخلْ
نعيد ترتيب الأعضاء
نبدّل جهازاً عصبيّاً
نزرع مزيداً من الأضلع
حول القلب
ونغلّف رحماً.
نخرج،
ونستعين بوجهٍ ملائمٍ
....وتشعرين أن القسم الأكبر من جسدك عالقٌ بين فكي قرش، وأسنانه تطحن قفصك الصدري وما يحتويه من اعضاء. ويطل وجهك ورقبتك وكتفيك من بين الفكين. لا تقوين على الصراخ. تحاولين بصمت ان تنشلي نفسك. وتشتهين لو يبلعك وينقذك من هذا الألم المرعب.
كيف تنزعين هذا الألم عنك؟
لو فقط تستطعين ان تمدي ذراعك داخل فمك لتنزلق داخل القفص الصدري وتمسكي بألمك وترمين به بعيدا.
لو انك تخرجينه كفضلات سامة من جسدك.لو ان نقطة اسيد يمكنها ان تذيبه،
لو انه بقعة تستطيعين فركها حتى تتشقق يداك لتزيلها وتعيد اللون الأصلي.
لو انك تعلمين كم من الألم سيستنزف هذا الوقت وكم اغنية ستتمتمين قبل ان يزول ،
هذا الألم الذي يشبه العصر وكأن بساتين ليمون في معدتك.
لو أن البتر يزيله
لو أن النوم يسكنه
لو أن شراء الفساتين يلهي عنه
لو أن لونا يصبغه ويخفي سواده
لو أن خبراً ما يخفف من حدته
لو أن طلاء اظافرك الأحمر يزيل بعضاً من مرارته
لو أن فكرة تشتت انتباهك عن السرطان الذي يمسك معدتك
لو أن ذاك الحاجز الزجاجي من حولك أسمك بقليل
لو أن الرغبة في الإنزواء في زاوية الخزانة تختفي
لو أن كحلاً يخفي حزن العينين
لو أن غناءً يمحي ذاك اللحن اللئيم
لو أنك فقط تستيقظين.
رولا الحسين

الخميس، أغسطس 23، 2007

تلك الخطى الهادئة ورائي

إذا أحكمتُ الإصغاء، أستطيع أن أسمع حياتي تطير
أسرع من أي وقت مضى
.تلك الخطى الهادئة ورائي،إنها خطاك، يا أيها الموت.
قبلا، كنتَ بعيدا -وكم كنت غاليا عندي.ا
لآن، حين كففتُ عن التوق إليك،الآن،
ها قد أتيت.أيها الموت العزيز، ثمة في كينونتك
أمر يؤاسي المكافحين:إذ ما همّك أنت إذا صار المرء عظيما
أو إذا ضيّع حياته هباء؟
أيها الموت العزيز، ثمة في كينونتك
شيء يجلو الأجواء:
أنت كما أنت مع الصالح والطالح
مشرّعا تتمدد، عاريا واعزل
.اتبعني ودعني أمسك بيدك،يدك التي تطمئن جيدا وعميقا:
الجميل تجعله كبيرا لا مفروالبشع تجعله صغيرا.
كأنك تريد مني شيئا،وحسبي أنك هدية تريد:
مفتاحا صغيرا عجيبا وغريبا -هو كلمة "نعم" البسيطة
.نعم، نعم، أرغب!
نعم، نعم، سوف!
وها أنذا أفرش طاعتي عند قدميك
لكي تنمو فيّ، ساكنا.
كارين بوي

الاثنين، أغسطس 13، 2007

يا إلهي .. أملك روحا عمومية !

لا أستطيع أن أكون واحدا من أؤلئك الذين يمضون حياتهم وهم يحملون قلوبهم على راحاتهم .فاظهار الحنان يكلفني جهدا , حتى في الحياة العاطفية , فأنا أعطي أقل مما أملك دائما .هذا هو أسلوبي في الحب , التقتير قليلا , والاحتفاظ بالحد الأقصى لبعض المناسبات الكبيرة فقط .وربما كان السبب في ذلك هو أن لدي هوس في التدرج . لإني إذا كنت سأظهر كل ما لدي دفعة واحدة , فماذا سأترك لتلك اللحظات الكبرى ؟ ( هناك أربع أو خمس لحظات كهذه في حياة كل فرد )وبأي شيء سيواجه أحدنا مناسبة تحتاج إلى القلب وكل ما فيه ؟ثم إن حفيظتي تثور أمام التكلف , والتكلف في نظري هو ذلك الأمر بالذات :المضي دائما والقلب محمول على راحة اليد .فماذا يبقى لمن يبكي كل يوم عندما تحل به فجيعة كبرى , واحدة من الفجائع التي تحتاج أقصى مالدينا من القدرة ؟صحيح أن المرء يستطيع الانتحار , ولكنه يبقى في نهاية المطاف حلا بائسا .أعني من المستحيل العيش في أزمة دائمة , وان نصطنع انفعالا يغرق أحدنا ( مثل حمام يومي ) في احتضارات صغيرة متواصلة.إن السيدات الطيبات يقلن عادة بروح اقتصادهن السيكولوجي إنهن لا يذهبن إلى السينما لمشاهدة أفلام حزينة لأن الحياة فيها ما يكفي من المرارة وهن محقات إلى حد ما :ففي الحياة ما يكفي من المرارة لكي لا نكون بكائين ,متدللين , وهستيرين , لمجرد أن شيئا قد اعترض طريقنا ومنعنا من مواصلة نزهتنا نحو السعادة التي تكون أحيانا مجاورة للهراء .
الهدنـة - ماريو بينيديتي

الخميس، أغسطس 09، 2007

نعرف في وقت متأخر

كم كان عمرك ؟-
لم أكد أبلغ العشرين . ومنذ ذلك الوقت تقرر كل شيء . ارتكبت حينئذ خطأ
خطأ يصعب تعريفه , لا يحس , لكنه كان نقطة انطلاق كامل حياتي التي لم أستطع إصلاحها قط
- خطأ لا يمكن إصلاحه في زمن الجهل -
نعم-
في هذا العمر يتزوج الناس , وينجبون الولد الأول ويختارون مهنتهم .وذات يوم يعرفون ويفهمون أشيـاء كثيرة , لكن الوقت قد تأخر كثيرا لأن حياتهم تكون قد اتخذت شكلا ما , في مرحلة لا يعرفون فيها شيئا على الإطلاق

الجهـل - كونـديرا

السبت، أغسطس 04، 2007

مأساة أن تكون امرأة

عندما يضيّع رجل عمره في الكتب فلن يلومه أحد . في اللحظة التي يستعيد فيها عقله - لأن الكتب كالمخدرات تسلب الانسان عقله - ستكون الحياة بإنتظاره . ستكون الحياة دائماً بانتظاره كي يصنعها ؛ لأن الرجل يصنع حياته , أما المرأة تنتظرها . وبإمكان الرجل مهما تأخر به العمر أن يبدأ من جديد . سيجد امرأة , وسينجب اطفالاً , وهو سيجد امرأة وسينجب اطفالاً حتى ان ظل ملتصقاً بكتبه . اما المرأة !
يا .. لعذاب المرأة !

جاهلية - ليلى الحهني

تماما في القلب

كان هناك أمر واحد فقط لم أستطيع أن أفعله وهو : أن أسحب الهدف السري المعتم من نفسي وأضعه أمامي كما يفعل الآخرون الذين يعرفون تماما ما يريدونه _الأساتذة الأطباء , والمحامون والفنانون , مهما استغرق منهم ذلك ومهما كانت المصاعب والمنافع التي يحملها هذا القرار في طياته . هذا ما لم أستطع أن أفعله .ربما كنت سأصير شيئا مشابها , ولكن كيف لي أن أعرف ؟وربما كان عليّ أن أتابع بحثي سنوات أخرى دون أن أصبح شيئا ودون أن أصل إلى هدف .ربما كنت سأصل إلى هذا الهدف لكنه سيتكشف عن هدف شرير وخطير ورهيب .لم أكن أريد إلا أن أعيش وفق الدوافع التي تنبع من نفسي الحقيقية , فلم كان ذلك بهذه الصعوبة؟
هرمان هيسه

الأحد، يوليو 08، 2007

مصيـر

حيـاة كل انسان عبارة عن طريق نحو نفسه , محاولة على طريق كهذا , تلميح نحو الممر .لم يسبق لانسان ان كان نفسه تماما وبشكل كامل . لكن كل انسان يحاول ذلك - هذا بطريقة خرقاءوذاك بطريقة بارعة , كل حسب ما يستطيع .وكل انسان يحمل آثار ولادته - لزوجة ماضيه البدائي وقشوره - وتظل معه حتى اخر أيامه .هناك من لايصير بشرا أبدا , يظل ضفدعا , سحلية أو نملة . وهناك من هو انسان في نصفه الاعلىوسمكة في نصفه الاسفل . ان لنا جميعا أصلا واحدا هو أمهاتنا , وجميعا جئنا من الباب ذاته .لكن كلا منا -بخبرات الاعماق- يجاهد للوصول إلى مصيره .يستطيع كل منا ان يفهم الاخر , لكن أيا ً منا لا يستطيع أن يشرح نفسه إلا لنفسـه .

هرمان هيسه

الثلاثاء، مارس 27، 2007

تدريبات عملية *

خواكين دي سوثا كان يتعلم القراءة , ويمارسها بقراءة الإعلانـات التي يراها
وكان يظن بأن الميم هو أهم حرف في الأبجديـة لأن كل شي يبـدأ بـ
ممنوع المرور
ممنوع إلقاء القمامة
ممنوع إدخال الكلاب
ممنوع التدخين
ممنوع الوقوف
ممنوع لصق الإعلانات
ممنوع إشعال النار
ممنوع الضجيج
ممنوع ....
* غاليانو
________
** من أجل ابتسامة طويلة وتلويحة من بعد : )

الثلاثاء، فبراير 20، 2007

: )

لا أعرف لمَ أقوم بما أقوم به. إن عرفت، لما شعرت ربما بالحاجة للقيام به. كل ما أستطيع قوله، وقلته بثقة مطلقة، أني شعرت بهذه الحاجة منذ بداية مراهقتي. أتحدث عن الكتابة، بشكل محدد، الكتابة بوصفها حاملاً لرواية القصص، قصص متخيلة لم تحدث في ما نطلق عليه عالم الواقع. إنها بالتأكيد طريقة غريبة لتمضية حياتك – تجلس وحيداً في غرفة وقلم في يدك، ساعة بعد ساعة، يوماً بعد يوم، سنة بعد سنة، تصارع من أجل وضع الكلمات على قصاصات من الورق بغرض منح الولادة لما هو غير موجود – إلا في رأسك. لماذا يا ترى يرغب أحد ما القيام بشي كهذا؟ الإجابة الوحيدة القادر على التلفظ بها: لأن عليك القيام بذلك، لأنه لا خيار أمامك.
هذه الحاجة للصنع، للخلق، للابتكار، باعث إنساني أصيل دون شك. لكن ما الغاية؟ ما الغرض الذي يسعى إليه الفن، تحديدا فن الخيال، بماذا سيخدم ما نعرفه بالعالم الحقيقي؟ ما من شيء يمكنني التفكير به باحساس عملي. الكتاب لا يضع طعاماً في معدة طفل جائع. الكتاب لم يمنع طلقة مجرم من دخول جسم ضحيته. الكتاب لم يمنع قنبلة من السقوط على المدنيين الأبرياء أثناء الحرب.
يفضل البعض الاعتقاد أن تبجيل الفن يجعلنا أفضل – أكثر عدالة، أكثر أخلاقا، أكثر حساسية، أكثر تفهما. هذا ربما حقيقي - في بعض النوادر، الحالات الخاصة. لكن دعونا ألا ننسى أن هتلر بدأ حياته كفنان وأن الديكتاتوريين والطغاة قراء روايات. القتلة في السجون قراء روايات. ومن بمقدوره أن يقول أنهم لا يحصلون على نفس المتعة التي يحصل عليها الجميع.بكلمات أخرى، الفن عديم النفع، على الأقل عند مقارنته، لنقل، مع عمل السمكري، أو الطبيب، أو مهندس الطرقات. لكن هل عدم نفعه شيء سيء هل إنعدام الهدف العملي يعني أن الكتب واللوحات والآلات الموسيقية هي ببساطة مضيعة للوقت؟
كثير من الناس يعتقدون ذلك. لكني أود أن أفترض جدلاً أن عدم نفع الفن هو ما يمنحه قيمة وأن صنع الفن ما يميزنا عن سائر الكائنات التي تعيش على كوكبنا، إنه ما يعرِّفنا جوهريا بوصفنا كائنات انسانية.أن تقوم بشيء بغرض المتعة المحضة ولجمال القيام به. فكروا بما يتطلبه ذلك من جهد، الساعات الطويلة من التمرين والانضباط الذي يتطلبه أن تكون راقصاً أو رساماً محترفا. كل المعاناة والاجتهاد، كل التضحيات لكي تنجز شيئا
هو بشكل مطلق وممجد . .عديم النفع.
الرواية، من ناحية أخرى، متواجدة إلى حد ما في مملكة مختلفة عن الفنون الأخرى. وسيلتها اللغة، واللغة شيء نتشاركه مع الآخرين، وهذا عادي بالنسبة لنا جميعاً. من اللحظة التي نتعلم فيها أن نتكلم، فإننا نطوّر جوعاً للقصص. أولئك الذي يتذكرون طفولتنا سيستعيدون كيف كنا نستمتع بحماس بقصص ما قبل النوم، عندما كان أحد الوالدين يجلس إلى طرف السرير يقرأ في إضاءة خافتة من كتاب القصص الخرافية.أولئك الذين أمسوا آباء وأمهات منا لا يجدون مشكلة في تحفيز انتباه أعين أطفالنا بحركات مرحة عندما يقرؤون لهم. لم هذه الرغبة المفرطة بالاستماع. الحكايا الخرافية غالباً ما تكون قاسية وعنيفة، تصور رؤوسا تقطع، أكلة لحوم البشر، تحولات متنافرة وسحر شرير. يظن المرء أن هذه المواد قد تكون مخيفة لطفل صغير، لكن ما تتيحه هذه القصص للطفل أن يجربه يتمثل بدقة بمجابهة خوفه الخاص وعذاباته الداخلية في محيط آمن ومحمي. هذا هو سحر القصص – إذ انها قد تأخذنا إلى أعماق الجحيم، إلا أنها في النهاية لا تؤذي.
نكبر في العمر، لكننا لا نتغير. نمسي أكثر تعقيدا، لكننا في العمق نواصل مشابهة أنفسنا اليافعة، وفي توق لسماع القصة التالية والتالية، والتالية. لسنوات، وفي كل بلد في العالم الغربي، نشرت مقالات ومقالات تندب حقيقة أن قلة قليلة من الناس تقرأ الكتب، وأننا دخلنا في ما أصبح يطلق عليه البعض "عصر ما بعد الأدب". قد يكون ذلك صحيحا، لكنه في الوقت نفسه، لا يقلل من الشهوة الكونية للقصص.ثم إن الرواية ليست المصدر الوحيد. الأفلام والتلفزيون وحتى الكتب المصورة "الكوميك" تشارك في حصة ضخمة في السرد الخيالي ومازال الناس يلتهمونها بشغف عظيم. ذلك أن البشر بحاجة للقصص. إنهم بحاجة إليها تقريبا كما حاجتهم للطعام ومهما كانت الطريقة التي تقدم فيها – سواء كانت على صفحات مطبوعة أو على شاشة تلفزيون – فإنه من المستحيل تخيل الحياة من دونها.مازلت أشعر بالتفاؤل حين يتعلق الأمر بحالة الرواية ومستقبلها. الأرقام لا تحصي أين يكون الكتاب موضع اهتمام، لأنه لا وجود إلا لقارىء واحد، في كل مرة هناك قارىء واحد فقط. وهذا ما يشرح القوة الخاصة بالرواية ولماذا، برأي، لن تموت كشكل. كل رواية تعاون متساو بين الكاتب والقارىء وإنها المكان الوحيد في العالم الذي يمكن لغريبين أن يلتقيا فيه في حميمة تامة.أمضيت حياتي في التحاور مع أناس لم أرهم أبداً، مع أناس لن أعرفهم وأتمنى أن أواصل ذلك حتى اليوم الذي أتوقف فيه عن
التنفس.إنه العمل الوحيد الذي أردته
بول أوستر

الأربعاء، فبراير 07، 2007

من يعرف ؟




حين تشرق الشمس فوق المدينة يتثاءت عشرة آلاف شخص و يتناولون الخبز المحمص و القهوة . يملأ عشرة آلاف شخص أورقة شارع كرام المقنطرة أو يذهبون إلى العمل في شارع شبايشا أو يأخذون أولادهم إلى الحديقة . يمتلك كل منهم ذكريات : أب لم يستطع أن يحب ولده , آخر يربح دائماً , عاشق بقبلة لذيذة , لحظة غش في الإمتحان المدرسي , الهدوء الناتج عن سقوط ثلج جديد , نشر قصيدة , ان هذه الذكريات هي كقمح في الريح , أحلام هاربة , أشكال في غيوم , و الأحداث التي حصلت مرة تفقد واقعيتها ,تتبدل في لمحة , في عاصفة , في ليل . و مع مرور الزمن , لم يحدث الماضي أبداً , لكن من يستطيع أن يعرف ؟ من يستطيع أن يعرف أن الماضي ليس حقيقياً كهذه اللحظة حين تتدفق الشمس فوق جبال الألب البيرينيةو يغني البقالون و هم يرفعون ظلات حوانيتهم و يبدأ عامل المحجر تحميل شاحنته .
الن لايتمان

الجمعة، يناير 26، 2007

أمر مفجع

إخوتي البشر، دعوني أروي لكم كيف حصل الامر. ستقولون: لسنا اخوتك ولا نريد ان نعرف. أنتم محقون، كونها قصة حزينة، لكنها قصة تحمل العبر. انها حكاية اخلاقية بامتياز، اؤكد لكم ذلك. هي قد تكون طويلةً بعض الشيء، فقد حدثت امور مختلفة، لكن اذا لم تكونوا مستعجلين كثيراً، مع قليل من الحظ سيكون لديكم الوقت الكافي لتقرأوها. فضلا عن ذلك، الامر يعنيكم. سوف ترون انه يعنيكم. لا تظنوا اني اسعى الى اقناعكم بأي امر. ففي النهاية انتم أحرار في آرائكم. اذا كنتُ قررتُ الكتابة بعد كل هذه السنين، فلكي أوضح الامور لنفسي، وليس لكم. على مر سنين طويلة، نحن نزحف على هذه الارض كالديدان في انتظار ولادة الفراشات الزاهية والشفافة التي نحملها في دواخلنا. ثم يمر الوقت ولا يحصل التحوّل ونظل ديداناً. امام هذا الادراك المفجع، ما العمل؟ الانتحار خيار اكيد. لكن لأكون صريحاً، هو لا يغريني كثيراً. لا انكر اني فكرت فيه لوقت طويل، واذا اضطررت الى اللجوء اليه فإليكم كيف سيحصل الامر: سأضع قنبلة يدوية على قلبي وأتلاشى في انفجار فرح عظيم. قنبلة صغيرة ودائرية، سأنزع فتيلها برقة قبل ان أُفلت الكبسولة بينما ابتسم لدى سماع الصوت المعدني الخفيف للزنبرك، الصوت الاخير الذي سأسمعه اذا استثنينا خفقات قلبي في اذني. ثم السعادة اخيراً، او السلام على الاقل، وجدارن مكتبي المزينة بالاشلاء. ستقع مهمة التنظيف على الخادمات، فهن يتقاضين اجورهنّ للقيام بذلك، لتصطفلن. لكن كما قلت، الانتحار لا يغريني.لا اعرف لماذا، ربما يعود الامر الى بقايا اخلاقية فلسفية قديمة تجعلني اقول اننا في النهاية لم نأت الى هذه الارض لكي نستمتع. لكي نفعل ماذا اذاً؟ ليست لديَّ ادنى فكرة. لكي نصمد على الارجح، لكي نقتل الوقت قبل ان يقتلنا. وفي هذه الحالة، الكتابة تشغلنا في الساعات الضائعة، وهي افضل من اي امر آخر. ليس لأني املك الكثير من الساعات لأضيّعها، فأنا رجل مشغول. لديَّ ما يسمى عائلة، ولديّ عمل، اي مسؤوليات، وهذا كله يتطلب وقتاً، فلا يبقى ما يكفي لأروي فيه ذكرياتي. ولاسيما انه في ما يتعلق بالذكريات، لديّ منها الكثير، لا بل كميات هائلة. انا مصنع ذكريات حقيقي. كنت لأمضي حياتي اصنع لنفسي ذكريات، رغم اني أتقاضى اجرا اليوم لأصنع الدانتيل. في الواقع، كان في إمكاني الا اكتب كذلك. ففي النهاية لست مجبراً على الامر. منذ الحرب، بقيت رجلاً متحفظاً، والحمد لله لم احتج يوماً الى كتابة مذكراتي على غرار بعض رفاقي السابقين، لا بغية تبرير الذات، اذ ليس لديّ ما ابرره، ولا بغية الربح، لأني اكسب عيشي في شكل جيد.
جوناثان ليتل

الجمعة، يناير 12، 2007

.

أتناول العشاء مع نيكول وأدوم. تتحدث نيكول عن نحات من معارفها، موهوب جدا ومشهور. يشتغل النحات في مرسم شاسع، ويحيط به أطفال. فكل أطفال الحي أصدقاء له.في أحد الأيام كلفته المحافظة بنحت حصان كبير ليوضع في إحدى ساحات المدينة. وأحضرت شاحنة كتلة الغرانيت الضخمة إلى المرسم وشرع النحات في نحته بالمطرقة والأزميل، معتليا سلما. وكان الأطفال ينظرون إليه وهو يعمل.ثم ذهب الأطفال في عطلة، بعضهم إلى الجبال، وبعضهم إلى البحر. وعند عودتهم، أراهم النحات الحصان الذي انتهى من نحته. فسأله أحد الأطفال بعينين مفتوحتين على أشدهما:- لكن.. كيف عرفت أن داخل تلك الصخرة كان يوجد حصان؟
إدواردو غاليانو

الأحد، يناير 07، 2007

: )

كنت طفلا بائسا حزينا... لكن هذا الشعور ليس مضرا ! ، عندما أري الآباء مشغولين بعزلة أبنائهم أقول لهم دائما:
" دعوه في سلام، إنه ينضج "
ساراماغو