.

السبت، سبتمبر 29، 2007

متعتي الخالصة هذا الصبـاح

كلُّهم يعرفون أنّ دقيقة العُمر
مرةً تأتي
ويعرفون أن الفرح فيها
أَحلى من الحزن
لكنّهم لا يصدقون أَنفسَهم .
**
حائرٌ أنا
بين أن يبدأ الفرح
وألاَّ يبدأ
مخافةَ ينتهي .
**
لا أحسدُكَ
على معرفتِك
مصيرَ كلٍّ منّا
لأنك قد تبكي على مصيرٍ حزين
بينما صاحبُهُ سهران يضحك
وتعرفُ الفرحَ قبلَ وقوعِه
فلا ترى مثلَنا
لذّة المفاجأة .
**
كيف أُفْهِمك
يا عصفورَ قَفَصِنا
إنني أنا غيرُ أَهلي
لا أُحبُّ أن أقتني
لا أقفاصا ولا عصافير .
**

أذهب إلى المدرسة وأغمض عيني
أقول أتى المساء
ثم افتحهما
وأرى أن الوقت لم يرحل بعد
ألف مرة أغمض عيني
وأقول أتى المساء
إلى أن يأتي
**

أليس في كل ثانية من الحياة ،
إنسان يضحك ؟
إذن في الأرض ضحك متواصل
***

جلست أُمي أمام الموقد تخبرني قصة
قالت : كان رجل يعمر بيتا
كان فقيراً وجمّع الأحجار حجراً حجراً
أتى بها من الأحراج والغابات
وأتعبه العمل لكنه أكمل قائلاً في نفسه :
أعمر بيتاً أسكنه لباقي العمر .
وظل يعمر طول عمره
وعندما انتهى البيت ، انتهى صاحب البيت
وقلت لأُمي :
هل انتهت القصة ؟
فقالت أُمي :
نعم .
**

لو عددتُ درجات بيتي
وكم من مرة صعدْتُها
لَكَانَ هذا درجاً طويلا
يخترق السحب
ولو عددتُ ضحكات أمي لي
لرافقتْني طوال صعودي
ووقعتْ مِن بَعدي الضحكاتُ على الدرج
وأزهرتْ زهرا .
**

الطفلُ متى عرف أنه من أسراب الطفولة البريئة
لم يعدْ منها .
الطفلُ متى صار يعرف
كيف يرسم المهندسُ البيتَ
هربتْ من صُوَره
خطوطُ الحبّ
والجمالِ الصغير .
البسيط متى عرف أنه بسيط
لم يعدْ بسيطا
الإنسانُ متى عرف الحقائق
سقط عن سرير الأحلام .
زياد الرحباني

الاثنين، سبتمبر 24، 2007

الحجّـار

يؤنسني الخروج في ليالي الصيف لمراقبة الحجار وهي تنمو. أظنّ أنها تنمو هنا في الصحراء، حيث الطقس الحارّ والجافّ، على نحو أفضل منه في أي مكان آخر. أو لعلّ الصغار من الحجار فقط هم الأكثر نشاطاً هنا، فهم ينزعون الى التقلقل بدرجة تفوق ما قد يعتبره كبارهم في السنّ مؤاتياً لهم. كذلك فإن لدى معظمهم رغبة سريّة، كانت رغبة آبائهم قبلهم، لكنها غابت عن ذاكرتهم منذ عهود سحيقة. ولأنّ هذه الرغبة تتصل بالماء، لا يُؤتى على ذكرها بتاتاً. فالمسنّون من الحجار يستنكرون كل ما له علاقة بالماء، ويعتبرون «أنّ الماء ذبابة لا تقيم البتة في مكان واحد المدة الكافية لتعلّم أيّ شيء كان». لكنّ الحجار الصغار يحاولون ببطء، ومن دون أن يسترعوا انتباه كبارهم، زعزعة أنفسهم إلى وضع غير مستقر، على أمل أنّ سيلاً مائياً كبيراً وعظيماً، أثناء عاصفة صيف، قد يستطيع جرفهم رغماً عن إرادتهم - كما هو مفترض - ودفعهم الى الأمام، فوق منحدر، أو إلى أسفل ساقية صغيرة. وعلى رغم ما يتضمنه هذا الفعل من مخاطرة، فإنهم يرغبون في الترحال ورؤية أماكن أخرى من العالم، ومن ثم الاستقرار في مكانٍ جديد ناءٍ عن موطنهم الأصل، حيث يمكنهم إقامة سلالاتهم الحاكمة بعيداً من هيمنة الآباء. ومع أن الروابط العائلية بين الحجار وثيقة جداً، الكثيرون من الصغار، الأكثر جرأة، نجحوا في مسعاهم وحملوا ندوباً تثبت لأبنائهم في ما بعد أنهم ذات مرة خاضوا غمار رحلة، شَذر مَذر، وعبر مياه مرتفعة، وقطعوا - ربما خمسة عشر قدماً - مسافة لا تصدّق. ولكن مع تقدمهم في السنّ، فإنهم يحجمون عن التباهي بمغامرات سريّة كهذه. أمرٌ صحيحٌ أنّ الكبار من الحجار يغدون جد محافظين، ويعتبرون كل التحركات، إما خطرة أو محض آثمة. وغالباً ما يسمنون. السُمنة حقيقةً علامة فارقة تميّزهم.وفي ليالي الصيف وبعد أن يخلد صغارهم إلى النوم يتحوّل الحجار الكبار إلى موضوع جدّي ومهيب: القمر. وهو ما يُحكى عنه دائماً بالوشوشة. «أَترون كيف يشعّ وينطلق برشاقة عبر السماء، مغيّراً شكله على الدوام»، يقول أحدهم. ثم آخر «انظروا كيف يجذب نفسه صوبنا بشدّة ويستحثّنا كي نتبعه». ثم ثالث يهمس «هو حجر أصابه الجنون».
[ ريتشارد شيلتون ]

الجمعة، سبتمبر 07، 2007

حيث الأفكار كرات حديدية اصطدم بها

ذلكَ هو الخللُ الرئيسي في كلِ ما هوَ بشريّ، أنَّ الشئَ الذي نشتهيهِ لا ننالهُ إلا من خلالِ ممانعتِنا له. هل يجبُ أن أذكرَ جميعَ المتلازماتِ التي ستبقي عالمَ السلوكِ مشغولاً عليها (المتجهمُ يملكُ أكبرَ قدرٍ من حسِ الفكاهةِ، غير المتعقلِ يملكُ أكثرَ الصورِ إبداعاً، المتهتكُ هو أكثرُ الناسِ أخلاقاً، المتشكك هو الأقوى إيماناً) بكل بساطةٍ تذكر أنه من خلال الإثمِ يمكنُ للشخصِ أن يرى الخلاصَ أولَ مرة.
**
ماذا لو أنَّ كل شئٍ في هذا العالمِ هو عبارةٌ عن سوءِ فهم؟ ماذا لو أنَّ الضحكَ في الحقيقةِ هوَ بُكاء؟
***
أليسَ البشرُ معتوهين؟ إنهم لا يستخدمونَ أبداً الحرياتِ التي يملكونها، بدلاً عن ذلك هم يطالبون بالحرياتِ التي لا يملكون؛ إنهم يملكون حريةَ التفكير، و لكنهم يطالبون بحريةِ التعبير.
*****
من بين كل الأشياء السخيفة و المضحكة في العالم، ما يصدمني كالأكثر سُخفاً و إضحاكاً هو أن تصبحَ مشغولاً، أن تصبحَ رجلاً مستعجلاً في ذهابِه إلى طعامه، في ذهابهِ إلى عملِه. و بعد ذلك، عندما تأتي اللحظة الحاسمة، أرى ذبابةً تهبط فوقَ أنفِ رجل الأعمال، أو عربةً مستعجلةً تدفعه إلى الوحل، أو جسراً مُعلقاً يُرفعُ قبل عبورِه، أو طوبةً من أعلى تسقطُ على رأسهِ فتقتُله، حينَها، أضحكُ من أعماقِ قلبي. من يستطيعُ أن لا يضحك؟ إذ ماذا يظنون أنهم سيحققون، هؤلاء المستعجلين المشغولين؟ أليسوا كربةِ المنزلِ التي في فوضى حريقِ منزلِها، قامت بتخليصِ ملقطَ الفحم؟ ما الذي يستطيعون أن ينقذونه من نار الحياة العظيمة؟أ
إما/أو
مقتطفات من كتاب سورين كيركيجارد

الأحد، سبتمبر 02، 2007

لو ! لو

ندخلْ
نعيد ترتيب الأعضاء
نبدّل جهازاً عصبيّاً
نزرع مزيداً من الأضلع
حول القلب
ونغلّف رحماً.
نخرج،
ونستعين بوجهٍ ملائمٍ
....وتشعرين أن القسم الأكبر من جسدك عالقٌ بين فكي قرش، وأسنانه تطحن قفصك الصدري وما يحتويه من اعضاء. ويطل وجهك ورقبتك وكتفيك من بين الفكين. لا تقوين على الصراخ. تحاولين بصمت ان تنشلي نفسك. وتشتهين لو يبلعك وينقذك من هذا الألم المرعب.
كيف تنزعين هذا الألم عنك؟
لو فقط تستطعين ان تمدي ذراعك داخل فمك لتنزلق داخل القفص الصدري وتمسكي بألمك وترمين به بعيدا.
لو انك تخرجينه كفضلات سامة من جسدك.لو ان نقطة اسيد يمكنها ان تذيبه،
لو انه بقعة تستطيعين فركها حتى تتشقق يداك لتزيلها وتعيد اللون الأصلي.
لو انك تعلمين كم من الألم سيستنزف هذا الوقت وكم اغنية ستتمتمين قبل ان يزول ،
هذا الألم الذي يشبه العصر وكأن بساتين ليمون في معدتك.
لو أن البتر يزيله
لو أن النوم يسكنه
لو أن شراء الفساتين يلهي عنه
لو أن لونا يصبغه ويخفي سواده
لو أن خبراً ما يخفف من حدته
لو أن طلاء اظافرك الأحمر يزيل بعضاً من مرارته
لو أن فكرة تشتت انتباهك عن السرطان الذي يمسك معدتك
لو أن ذاك الحاجز الزجاجي من حولك أسمك بقليل
لو أن الرغبة في الإنزواء في زاوية الخزانة تختفي
لو أن كحلاً يخفي حزن العينين
لو أن غناءً يمحي ذاك اللحن اللئيم
لو أنك فقط تستيقظين.
رولا الحسين