.

الجمعة، مارس 31، 2006

ــــــــــ 0 ـــــــــ

عش على الهامش

القلب مركز الجسم، و اليد هامش أو طرف. هو مركز، نعم، لكن مربوط بالأوردة، و سجين داخل قفص في صدر. و هي هامش، لكنها تتحرك بحرية في الهواء و النور. تلمس و تحضن. تعزف و ترسم. تهدي وردة، و تزرع شجرة، و تمسح دمعة، و تبادر الناس بالسلام. هو يشتغل، مثل موتور، ليل نهار، و هي تضم اصابعها، حين تتعب، و تنام على راحتها، كعصفور. تسقى الماء، و ترش العطر، و هو مشغول، طول الوقت، بتوزيع الدم أناني ومستبد، مثل كل مركز وإصابته قاتلة، و هي يمكن أن نبترها، كأي هامش، دون أن تحرم صاحبها من الحياة


أنت خدّام الحرية


كان نيكوس كازنتزاكس (الروح العظيمة. صاحب زوربا) يقول: "لم أعد أطمع في شيء. لم أعد آمل في شيء. أنا حر". و شاعر تركي (دخل الموت في الثلاثين) اسمه أورهان ولي يقول: "الحرية تكلفك الحياة، و العبودية مجانية". و شاعرة بولندية (تخطت السبعين و اسمها صعب) هي فيسوافا شيمبورسكا تقول: "أفضّل الاصفار الحرة، على الواقفة في طابور من أجل أرقام". أنطونيو ماتشادو (مات من المشي على الحدود، هاربًا من عساكر فرانكو) يقول: "ما أسهل الطيران، ما أسهله، ما على الناس إلا أن يحرصوا على ألا تمس الأرض الأقدام".
أما أمل دنقل (الوحيد هنا، الذي أسمح لروحه أن تحضر في كتابي) فيرى أن "سكينة الذبح" هي مصير الطيور التي حطت (يعني انحطت) من السماء إلى الأرض.

*عماد أبو صالح

الثلاثاء، مارس 28، 2006

وما زلت أنتظر رسالتي

رسالة إلى من لا رسائل لهم

هل محض جنون أن يراسل المرء أناساً لا يعرفهم ؟ أنا أفعل ذلك الآن, لا لشيء إلا لأنني أشبههم, فمنذ زمن بعيد وأنا أتتبع خطواتهم المحفورة في الطريق، و أحصي آلاف الأميال التي يقطعونها كل مساء؛ ليعودوا إلى البيوت التي أنهكها الغياب . لكنَّ أشباحهم وحدها هي التي تعود, لا لتلقى السلام ولكن لتسأل عن رسالة تُشعرهم أنهم على قيد الحياة.

هكذا نحن حين ننتظر رسالة, لا نبرح الأماكن ولا نغلق الأبواب, هكذا ظل والداي عشرين عامًا ينتظران ضيفًا ليس معلومًا وقت مجيئه ولا هيئة الوصول. سنوات طويلة يشعلان السراج والموقد والبخور، ويتركان جزءًا من طعامهما ؛ ومقعدًا شاغرًا من أجله، ويهرعان إلى الباب كلما رن خطو عابر غريب، وحين أصابهما الصمم، جلسا على ناصية الطريق قائلين "لقد أضعنا كل الضيوف بجلوسنا في البيت".

ليس مهمًا أن يأتي الضيوف, ولا أن تُستلم الرسائل, فثمة ضيوف لا نعرفهم, وثمة رسائل لا ترى، فلم لا نذهب إلى من نحبهم ؛ فنجالسهم ونحادثهم ، ولا ننتظر رسولاً يحمل بضعة أوراق منهم. فما الذي يمكن أن تقوله الأوراق أكثر من أرواحهم, تلك التي تدب بيننا، فى تذكاراتهم، في مواقفهم التي تدفقت كأنهار جارية بيننا زمنًا طويلاً.. كم تخاصمنا فيه، كم تعانقنا، وكم كنا ودودين معًا!.

أنا الآن أعد رسالةً إلى أناس لا أعرفهم، فليس هناك ما يجمع بيننا سوى أنني كلما جلست فى الأماكن التي جلسوا فيها أرى أعمارهم التي تركوها ، أرى ترابهم ، وأشجارهم، وقطع الأثاث التي نحلتها مقاعدهم، أراهم يقولون : اكتب لنا.

لى أناس لديكم كنت أتوقع أن يركبوا الريح من أجلى ويجيئوا، كنت أتشمم روائحهم حين يعبرون من على رأسي فتصطك أقدامهم ببلاط الغرفة، وحين يتداولون حول أى الهدايا يتركونها لأطفالي الصغار وأمهم المريضة بالنسيان.. لكننى لم أرهم؛ لأنهم لا ينتظرون المدفأة ولا شطائر الخبز، لا ينتظرون سوى رسالةٍ لا نعرف كيف نكتبها.









قولوا لهم إنني ضجرت، وما عدت أحتمل الحياة وحدى، فهل يمكن أن يغافلوا الحراس ويوقفوا القطار قليلاً؛ كى أضع ساقى وأركض معهم ، قولوا أيضًا: لى ابنة لديهم تجيد الرقص، وحفيد يجيد السؤال، ودبٌ يعشق الغناء أكثر منى.. فهل يمكن أن يحملوا رسالة من أجلى ؟!

* صبحي موسى

الاثنين، مارس 27، 2006

الجدران تتحدث


في قسم العلوم الاقتصادية في مونتيفيديو :
المخدارت تؤدي إلى فقدان الذاكرة وأمور أخرى لا أقدر أن أتذكرها

على حائط في ماساتيبي , نيكاراغوا :
رغم أنهم يموتون من الحنين فإنهم لن يعودوا مطلقا

في مونتيفيديو , في حارة أورينتال :
هنا نجلس , نراقبهم يقتلون أحلامنا

وعلى حائل الأمواج الذي يواجه ميناء بوثيو :
أيها العجوز الأحمق لا تستطيع أن تعيش حياتك كلها في الخوف

في بوينس ايرس على جسر لا يوكا :
الجميع يطلقون وعودا لكن لا أحد ينجزها . لا تصوتوا لأحد

في مرتفعات بالبارايسو :
أحببنا أنفسنا

* غاليانو

الأحد، مارس 05، 2006

الواقع ليس صورا جميلة

التقطت صورا لفلاحي الإقطاعية وكنت أخذها وأهديها إليهم فيما بعد فيتلفونها حائرين , لا يدرون ما يفعلون بصورهم هذه التي لم يطلبوها .كانت تفتنني وجوههم المدبوغة بعوامل المناخ والفقر لكنهم ما كانوا يحبون رؤية أنفسهم في تلك الحالة مثلما في الواقع بأسمالهم وأحزانهما لتي تثقل كاهلهم لإنهم يريدون صوراً ملونة باليد يظهرون فيها وهم يلبسون البدلة الوحيدة التي يملكونها , بدلة الزفاف , وهم مستحمون ومسرحو الشعر مع أبنائهم النظفين من المخاط . "


ايزابيل الليندي - صورة عتيقة

الجمعة، مارس 03، 2006

القانون مثل الحب

القانون، يقول البستانيون، هو الشمس
القانون هو الشيء الوحيد الذي يطيعه كلُ البستانيين
غداً، البارحة، اليوم
القانون هو حكمة الشيوخ
يوبخ الأجدادُ الواهنون بحدة،
فيخرج الأحفاد لساناً ذا صوت عالي الطبقة:
القانون هو أحاسيس الشباب
القانون، يقول القاضي وهو ينظر نظرة ازدراء
متكلماً بوضوح وصرامة شديدة:
القانون هو كما قد قلتُ لكَ من قبل
القانون هو كما افترض انك تعرف
القانون هو، فقط، دعني أشرحه لك مرة أخرى
القانون هو القانون
مع ذلك، فالقانون، يكتب علماء القانون الثابتون،
ليس بالخطأ ولا الصحيح
القانون هو الجرائم
المعاقبة في الأمكنة والأزمنة
القانون هو الملابس التي يرتديها الرجال
في أي وقت، في أي مكان
القانون هو صباح الخير ومساء الخير.
يقول آخرون: القانون هو قدرنا
يقول آخرون: القانون هو دولتنا
يقول آخرون، يقول آخرون:القانون قضى نحبه
القانون قد ولى.
ودائماً تصيح الجماهير الغاضبة الصاخبة
بغضب شديد وصراخ شديد :
القانون هو نحن
وكذلك، دائماً، يصيح الأبله اللين العريكة بتؤدة انه: أنا.
إذا كنا، يا عزيزي، نعرف اننا نعرف
ليس بأكثر مما يعرفون عن القانون
اذا كنت اعرف ليس بأكثر منك
ما الذي ينبغي علينا وما الذي لا ينبغي
ما عدا ذلك المتفق عليه
بسعادة او بتعاسة
ذلك ان القانون هووذلك ما يعرفه الكل
ولذلك يعتقدونه عبثاً.
تعريف القانون ببعض كلمات اخر
.بخلاف الكثير من الرجال
أنا لا أستطيع القول ثانية بأن القانون
ليس بأكثر مما يستطيعون
فنحن نقمع الرغبة الكونية لنخمن
أو ننزلق من مكانتنا الخاصة الى حالة لا مبالاة
رغم انني استطيع، على الأقل،
ان اقي دفراغك وفراغي الى حالة جبن
الى حالة شبيهة بالجبن
فنحن سنتباهى على كل حال:
القانون مثل الحب، أقول.
مثل الحب لا تعرف أين ومتى
مثل الحب لا نستطيع ان نفرضه بالقوة
أو نطيّره
مثل الحب نحن، دائماً، نبكي
مثل الحب نحن، نادراً، ما نستمر.
دبليو. اتش . أدون
ترجمة أديب كمال الدلين

الخميس، مارس 02، 2006

أمنيات أخيرة

أمنيات أخيرة

سأصير هواءً كيلا يراني أحد


آه
لو كنتِ شجرة
كلماتكِ الأوراق
يداكِ الأغصان
مرفوعة أبداً


كم تمنيتُ أن أكون سماءً
كيلا تتشرد النجوم

السماء ليست لنا
إنها للنجوم

وتمنيتُ أن أكون صخرة
ليتحطم عليها الهواء

كم تمنيتُ أن يعثر عليّ الليل
وأنا متلبس بماء البحر

حين أكون بحراً
سأحرق القفطان الأزرق

كم تمنيتُ أن أكون محيطاً
لأطوق وإلى الأبد الأرض
بذراعيّ


كم تمنيتُ أن يكون للأرض قدمان
لأحثها على السير
وتمنيتُ للأرض فماً لتصرخ

أيتها الصرخة
أين فمك

كم تمنيتُ أن أكون فرحاً
كي يعرفني الجميع
لو كنتُ حزناً لانتحرتُ

كم تمنيتُ أن أكون أملاً
كي أسكن الجميع
لو كنتُ يأساً
لما عرفت أحداً سواي


كم تمنيتُ أن أكون خوفاً
لأسكن الخونة

وتمنيتُ أن أكون ضحي
لتسكع الكون

لو كنتُ شمساً
لأمضيت الوقت في الزنازين

كم تمنيتُ أن أرى الليل
يعانق النهار

وتمنيتُ أن أكون مرآة
لأقول ما أراه

لو كنتُ مرآة
لتشمتُ بوجه القتلة


كم تمنيتُ أن أكون إلهاً
لأصنع منْ أحب

كم تمنيتُ أن أوجدكِ
أنىّ أكون ومتى أشاء

وتمنيتُ أن اسرق أثوابكِ
لأضعها على مشجبي

تمنيتُ أن أراكِ كل صباح
لأقص عليكِ أطياف الليل


والآن ما من أحد
حتى هذا الكتاب
يا له من صديق
يصمتُ
كلما أشحت عنه بصري

* منعم الفقير