.

الأحد، مايو 13، 2012

الكابوس


دمشق 
 (إلى هالا محمّد..)

لم نكن نعرف أنّ دموعنا الّتي سقطت ذاك اليوم
كانت أشبه بحدسٍ مبكرٍ
لحزنٍ سيجتاح المدينة بعد حين
وعدتك حينها أنّ كل شيءٍ سيكون على ما يرام
لم أكن أعرف أنّ فراشاتك الملوّنة 
الّتي كانت تحلّق حولنا
ستهشّم في مجزرةٍ جماعيّةٍ
يرتكبها أولئك الّذين لم يتأمّلوا يوماً في أرواح الفراشات
ولم يعرفوا من الألوان إلاّ ما يصنعونه من أحمر الدّماء
***
كانت ابتسامتنا للكاميرا حقيقيّة
لكنّ من يحدّق جيّداً في الصّورة
يرى اللمعة في عيوننا 
من أثر الدّموع
***
حين غادرنا
اعتقدنا أنّ المدينة تبتسم أيضاً
لعلّنا فقط 
لم نحدّق جيّداً
***
لكنّ دمشق ليست لهم
دمشق لبائع الأفلام المتجوّل قرب فندق الشّام
دمشق لبائع الترمس والذرة في الصّالحيّة
***
دمشق
كأس نبيذٍ في باب توما
وصوت فيروز 
يصدح من محلّ ثيابٍ في شارع الحمراء
***
دمشق 
زحمة سوق الحميديّة
وسيّارات التاكسي الصّفراء في كلّ مكان
***
الكابوس ليس ما نراه أثناء نومنا
الكابوس
ما نراه أثناء صحونا 
ولا نصدّق أنّه يحدث
***
لكنّ الخوف 
لم يعد عُملة للتداول في المدينة
***
والفراشات
إن وضعوها في سجنٍ
ظلّت تحلّق بحثاً عن نافذةٍ
وإن أغمّوا عينيها
ظلّت تحلم بالضّوء
***
الأرواح
لا تكبّل بالأصفاد
***
الأحلام 
لا تُقصف بالدّبابات
***
المدينة لن تكون بلونٍ واحدٍ كما يريدون
المدينة
ملوّنة ملوّنة
كالفراشات
***
قد لا أعدك الآن أنّ كلّ شيء سيكون على ما يرام
لكنّ الأسطورة تقول
إنّ الفراشات إذ تموت قتلاً
تعود أرواحها لتنتقم
وأنا أؤمن بذلك

                                              سمر عبدالجابر