.

الأحد، أبريل 30، 2006

ماذا تفعلون الآن؟

إنني أسأل هنا عن معاصري‏ّ المنتشرين في كافة قارات العالم، أولئك المجهولين - الغائبين بالنسبة لي. أريد أن أتعرف عليهم وأتفق معهم على نوع الحياة التي نعيشها. نطرح أسئلة واحدة ونبحث عن أجوبة موحدة لها. عن المصير ذاته، وأحلام الأيام القادمة أيضاً. إنني هنا - أعرف أننا جميعاً - هنا وهناك - نقتسم يوماً أرضياً واحداً، ولكن لكل منا نصف يومه المختلف. هنا حين يؤوينا الظلام الساكن، العامر بالأشباح، يغمرهم نهار شوارع مزدحمة صاخبة ملونة. وحين يأتي نصف يومنا، نهارنا، شوارعنا المغمورة بشمس ناصعة، يحل نصف يومهم، ليلهم الطويل البهيج أو الثقيل بالجرائم والعري والقمار والرقص. غير أن التضادات تلك، الأنصاف المتضادة، لن تحول دون رغباتنا الصادقة في أن نلتقي لنعرف، لنفهم، لنوحد يومنا في زمن أرضي واحد.. ألا يا أخوتي المجهولين في نصف الأرض الآخر، إني أجلس في ليل أفكر ولا أعمل شيئاً. إني أسأل: ماذا تعملون الآن، خلف البحار والجبال والغابات والصحاري وشوارع المدن العملاقة?

محمد خضير

الثلاثاء، أبريل 18، 2006

كأي ميت



أينما وليت وجهي

ثمة ما يستحق التحطيم

غير أن قبضتي

لا تملك أكثر مما يملك

ظل فراشة

كما أن وجهي سوف ينهار

ما إن أقبض ملامحي

أسير مثلما يسير أي ميت

ببطء وبلا اكتراث

لا بالأقدام التي تلهث

كيما تعثر على ما يعينها على اللهاث

ولا بالشوارع التي تئز وتنحني

وتوشك أن تنهار

لا أحاول العثور على تفسير

لاستحالة أن يحيا الخلق بلا عداوات

ولا أجد مبررا للسؤال

عن سر بقاء الأقنعة والأكثر توحشا

لا أجد مبررا لأي انشغال بالآخرين

كأي ميت

ينبغي ألا أفكر فيما هو أكثر من خسائري

ورعاية الطحالب التي تنمو حول روحي

أو تفقّد الذين أحببتهم

دون أمل في أن يروني

حتى قاتلي

تولى عن حسباني

مذ أصبح لا يتوقف عن جرع الماء

وهو يبصرني بجوار الثلاجة

أشير إلى موضع خنجره





فتحي عبد السميع

الأحد، أبريل 16، 2006

من ؟

"ناني" الخادمة الحامل
شنقت نفسها في أحد الأيام في المرحاض،
وظلت معلقة هناك، كدمية شوهاء، ثلاث ساعات طوال
إلى أن حضرت الشرطة.
وعندما كانت الريح تهب فتديرها برفق في حبلها
كان يتراءى لنا، نحن الذين كنا أطفالاً يومئذ،
أن "ناني" كانت تقوم برقصة مضحكة لتسليتنا.
نمت الأعشاب بسرعة، وقبل نهاية الصيف
كانت الأزهار الصفراء تعانق المدخل والحيطان،
وأصبح المرحاض المهجور كأنه مذبح في معبد
أو ضريح لقديسة ميتة.
بعد عام أو عامين سألت جدتي ذات يوم
هل تذكرين "ناني" الممتلئة الداكنة
التي كانت تغسلني بجانب البئر؟
حركت جدتي نظارة القراءة على أنفها
وحملقت في وجهي وسألت : "ناني"... من هي؟
وبهذا السؤال انتهت "ناني".
كل الحقائق تنتهي هكذا بسؤال.
إن هذا الصمم المتعمد يحوّل الموت إلى خلود
كل الحقائق تنتهي هكذا بسؤال.
إن هذا الصمم المتعمد يحوّل الموت إلى خلود
والشيء الأكيد إلى رخو غير أكيد.
إنهم محظوظون أولئك الذين يسألون أسئلة
ثم يمضون قبل مجيء الاجابة
أولئك الحكماء الذين يحيون في منطقة صامتة زرقاء
لا تخامر أذهانهم الشكوك
لأنهم يمتلكون ذلك السلام المتخثر
المنطمر في الحياة
كاللحن في بيضة الوقواق،
كالشهوة في الدم،
أو كالنسغ في أوعية الشجرة....
سريا داس
ت : شهاب غانم

: )

فكاهة

لا تخف
ليس معنى الوقوف في النافذة
أنك ستسقط
ليس معنى السعال
أنك مصاب بالسرطان
ليس معنى ضيق التنفس
أن قلبك به شريان مسدود
الحياة فقط هي التي معناها
أنك ستموت
ممدوح رزق

الخميس، أبريل 13، 2006

ابتعدوا !!


من فضلكم ابتعدوا
أكره ما عليّ أن أكون ذاهبًا لأموت
و يمنعني أحد
سأنتحر يعني سأنتحر
فقط امسكوا أطراف ملاءة
وقفوا قريبا
ربما أغير رأيي عند الطابق السابع

.
عماد أبوصالح

الأحد، أبريل 09، 2006

حلم

وجدت نفسي في بهو جميل , وبين يدي وعاء ذهبي مليء بما لذ وطاب.فذكرني هذا بسمار الليالي من أصدقاء العمر الراحلين, وإذا بي أراهم مقبلين تسبقهم ضحكاتهم المجلجلة. فتبادلنا السلام وأثنوا على الوعاء وما فيه . غير أن سعادتي انطفأت فجأه وصارحتهم بأنني لن أستطيع مشاركتهم حيث منعني الأطباء من التدخين منعا باتا , وبدت الدهشة على وجوههم ثم ركزوا أبصارهم في وجهي وتسألوا ساخرين:
أمازلت تخاف من الموت ؟
أحلام فترة النقاهة - نجيب محفوظ

الاثنين، أبريل 03، 2006

يا عصفورة بيضا لاعدا تسألي


يلوحان لبعض من بعيد
في لحظة وداع
ليمسح كل منهما صورة الآخر
في الهواء .
صلاح دبشة

الأحد، أبريل 02، 2006

ماذا بعد ؟ ماذا قبل ؟


.. أثناء سفري التقيت بصديقة قديمة لي أحببتها دوما ’ من ضمن أمور أخرى , لقدرتها على جمع العاطفة العميقة مع الصراحة التي تقترب من الوحشية." كنت أفكر بك " قالت لي , " بـ إله الأشياء الصغيرة , ماذا فيه , ماذا فوقه , حوله .. " ثم صمتت لبرهة . كنت منزعجة ولست متأكدة أبدا من أنني أريد أن أسمع بقية ما تريد قوله .ولكنها كانت متأكدة أنها ستقوله ." خلال السنة الماضية _ أقل من سنة في الواقع_ نلتِ الكثير جدا من كل شيء _ الشهرة , المال , الجوائز .التملق , النقد , الادانة , السخرية , الحب , الكراهية , الغضب الحسد , والكرم _ كل شيء . إنها قصة كاملة . مزخرفة تماما بإفراطها . المشكلة هي أن لها , أو من اللمكن لأن يكون لها , نهاية واحدة كاملة " .كانت عيناها عليّ تسبرانني ببريق منحرف . كانت تعرف أنني أعلم ماذا تريد أن تقول . لقد كانت مجنونة .
كانت تريد أن تقول أن لاشيء مما قد يحدث لي في المستقبل من الممكن له أن يعادل بريق هذا أبدا. إن بقية حياتي بأكملها ستكون غير مرضية بشكل عام .ولذلك فإن النهاية الكاملة الوحيدة للقصة هي الموت . موتي.
خطرت الفكرة لي أيضا . بالطبع خطرت . حقيقة أن كل هذا , هذا التألق العالمي _ هذه الأضواء في عيوني , التصفيق , الورود , المصورون , الصحافيون الذين يدعون اهتماما كبيرا بحياتي ( ومع ذلك يصارعون للحصول على حقيقة ثابتة وحيدة ) , الرجال في بذلات الذين يتزلفون لي , حمامات الفنادق اللامعة بمناشفها غير المتهية _لاشيء من هذا من المحتمل أن يحدث ثانية . هل سأفتقده؟ هل تعودته إلى درجة الحاجة ؟ هل أصبحت مدمنة شهرة ؟ هل سيظهر عليّ علامات تراجع ؟
كلما فكرت بالامر اكثر اتضح لي أكثر أنه إذا كانت الشهرة ستصبح ظرفي الدائم فإنها ستقتلني . ستخنقني حتى الموت بلباقتها وصحتها . أعترف بأنني استمتعت بدقائقي الخمس منها إلى حد كبير جدا , ولكن بشكل أساسي وقبل كل شيء لإنها كانت خمس دقائق فقط . لإنني كنت أعرف ( أو اعتقدت بأنني كنت أعرف ) أنني
أستطيع أن أعود إلى وطني عندما أشعر بالملل وأن أضحك عاليا عليها . وأتقدم بالعمر وأصبح مستهترة . آكل المانغا في ضوء القمر , وربما أكتب بضعة كتب سيئة _ الأسوء رواجا _لأرى كيف يكون الاحساس بذلك .
قلت لصديقتي إنه لا يوجد شيء اسمه قصة كاملة . قلت لها في جميع الأحوال أن رؤيتها للأمور كانت رؤية خارجية , ذلك الافتراض بأن مسار سعادة الانسان أو لنقل إنجازه قد وصل ذروته ( ويجب أن ينحدر الآن) لأنه تعثر بالمصادفة بـ " النجاح " . أن رؤيتها مبنية على الاعتقاد التقليدي الضعيف الرؤية بأن الثروة والشهرة هما المادتان الحتميتان لأحلام كل شخص .
هناك عوالم أخرى . أنواع أخرى من الأحلام . أحلام الفشل فيها ممكن . مشرّف . وفي بعض الاحيان يستحق الكفاح من أجله .عوالم لا يكون فيها التميز هو المقياس الوحيد لتألق وقيمة الإنسان .يوجد الكثير جدا من المحاربين الذين أعرفهم وأحبهم , أشخاص أكثر قيمة بكثير مني , يذهبون إلى الحرب كل يوم , وهم يعرفون مسبقا أنهم سيفشلون.صحيح أنهم أقل نجاحا بالمعنى السوقي للكلمة , ولكنهم ليسوا أقل إنجازا أبدا .
الحلم الوحيد الجدير بأن يراود المرء , قلت لها , هو حلم أن تعيشي بينما أنت على قيد الحياة , وتموتي فقط عندما تفارقك الحياة . ( علم غيب؟ ربما )
" ماذا تقصدين بالضبط ؟" ( قوست حاجبيها منزعجة قليلا )حاولت أن أشرح , ولكنني لم أنجح . أحيانا أحتاج أن أكتب لكي أفكر . وهكذا كتبت ذلك لها على فوطة ورقية , هذا ما كتبته :
" أن تحبي , أن تكوني محبوبة , ألا تنسي تفاهتك أبدا . ألاّ تعتادي أبدا على العنف الذي لا يوصف واليأس وعدم التكافؤ الفاحش الموجودين في الحياة من حولك.أن تبحثي عن المتعة في أكثر الأماكن حزنا . أن تطاردي الجمال في وكره , ألاّ تبسطي أبدا ماهو معقد , وألاّ تعقدي ما هو بسيط . أن تحترمي القوة وليس السلطة . وقبل كل شيء أن تشاهدي وتراقبي . أن تحاولي أن تفهمي . ألاّ تشيحي بنظرك أبدا . وألاّ تنسي أبدا أبدا .

أروند هاتي روي