.

الخميس، نوفمبر 30، 2006

هل هذا صحيح ؟

وأنا أنظر بالصدفة إلى الأرشيف شاهدت نوفمبر يتكرر لأكتشف
وهذا أول مرة اكتشف فيها اكتشافا غير متأخر
أن على حافة هذا الشهر أكلمت مدونتي عامها الأول
مرت سنة؟
! هذا الزمن أصبح بلا قيمة
ربما يجب علي أن أخيّط سنين عديدة لأحصل على سنة كاملة تستحق شمعة واحتفال
without sugar

ممكن جدا





يمكنك حراسة مرمى مهجور
والتنطط بلا توقف
لصد كرات متخيلة من قدم مايكل أوين
ستشاهد المسكين ورقمه
يائسين طيلة المباراة
وستخلع له فانلتك فى النهاية
يمكنك فعل هذا بروح عشرية
ويمكنك ببال مغمض
فعل أكثر الاشياء صعوبة

نبيل سبيع

الاثنين، نوفمبر 13، 2006

..




. .ربما كانت هذه القراءة السبب في أنّ عمله لم يتقدم تقدماً سليماً. كان ينوي أن يكتب كتاباً نموذجياً في عمقه ومن نوع النثر الشعري الذي كان قدوته القصائد في زارادشت. على أنّ الانشغال الدائم بكتب أنيقة جميلة إلى هذا الحد جعله عاجزاً المرة تلو المرة , وسلبه الوقت والقوة وجعله أحياناً يائساً كل اليأس , ذلك لأنه خيّل إليه أنّ خير الأشياء وأروعها قالها آخرون منذ زمن طويل. لم تنقصه الأفكار , إلا أنّ هذه الفكرة كان نيتشه قد عبّر عنها , والأخرى عبّر عنها ديميل والثالثة ميترلنك. كما أنّ حالاته النفسية , آلامه , شوقه- كل هذا كان هنا وهناك في كتب جميلة , تمّ نظمه وإنشاده , وتمّ تصعيد التنهدات أو تمّ التلعثم به . وكان إذا أراد أن ينظر إلى نفسه في سخرية وتهكم , وكان متدرباً على ذلك جيداً , طلعت من جديد صورة كانت موجودة أيضاً منذ زمن طويل ومرسومة , سواء من قبل فيرلين أو بيرباوم أو آخر. وربما كان عليه أن يستخلص من ذلك أنه لا يستطيع أن يقول شيئاً جديداً ولهذا وجد أنه لمن الأجدى أن يوفر الورق ويشتغل بشيء آخر.. ]

هرمان هسه

الثلاثاء، أكتوبر 31، 2006




ارتدادات هواء

عوضَ أن يسمع الصوتَ يراه
آتياً، على عُكّاز، من أماكن بعيدة
تَعِباً
على كتفه حمولات كلام يريد أن يوزّعها على آذان
وعلى دروبه آذانٌ ترى
ولا تسمع.

عوضَ أن يرى الطريق يسمعها
مثلَ صدىً بعيد،
كأنَّه يمشي على ارتدادات هواء
وكأنَّ الأرض ليست تراباً
بل صوت

ترابٌ يسمعه ولا يراه
وصوتٌ يراه ولا يسمعه
كأنَّما لا يسمع غير خرسه
ولا يرى غير عماه
وديع سعادة

السبت، أكتوبر 14، 2006

قناع الشر




من حائطي يتدلى نقش ياباني
قناع شيطان شرير ، مطلي بالذهب
بإشفاق ألاحظ
العروق النافرة على الجبهة ،
التي تبين
كم يرهق المرء أن يكون شريراً


برتولد بريخت

الثلاثاء، أكتوبر 10، 2006

!





لا تتفاخر أيها الموت
وصفك البعض بالجبار و المخيف
لكنك لست كذلك
فالذين يعتقدون أنهم يستطيعون قهرك
لا يموتون أيها الموت الضعيف
و لا تستطيع أنت أن تقتلني
ما أنت إلا عبد للقدر و الحظ و الملوك و الرجال البائسين
تعيش بين السموم و الحروب و الأمراض
بعض النبات و الحشرات يملك لسعة منومة أيضا و هم يوأدونها أحسن منك
لماذا تتفاخر إذا ؟
نغط في سبات قصير و من ثم نستيقظ أبدا
و يغيب الموت ،
عندها ستموت أنت يا موت
John Donne

بعد الموت

حين أكون قد مِتُّ
سأحزن كثيراً
لأني ، أنا الذي فكّرت بالانتحار مراتٍ عديدة
لم أعرف ، وأنا حيّ ،
أن الموت مُوحشٌ
إلى هذا الحد.

علي المقري

الخميس، أكتوبر 05، 2006

" إن بعض الظن إثم"

ظَنَّ الترابَ غيماً
سقطَ ويبسَ
محتفظاً من الفضاء بلهاثِ ناسٍ كانوا يعبرون
في صحارى حارقة.
ظنَّ الشجرَ أياديَ دُفنت تحت التراب
في حروب قديمة
والعشبَ كلماتٍ كان القتلى يريدون قولها وهم يحتضرون.
ظنَّ العصافير نظراتِ موتى
تبحث عن عيونها
والأحجارَ رؤوساً
تبحث عن أجسادها

وظنَّ
ما يظنُّه
ظنوناً.
وديع سعادة

الثلاثاء، أغسطس 29، 2006

both




لا أحبّ المسوّدات
تذكّرني بقصائد
لم تكتمل بعد،
أكره القصائد منشورةً
يؤلمني أن لن تكتمل قطّ.

لا أحبّ الشهرة
الأضواء تقتل
وأنا لستُ معتوهاً كالفَراش،
وأكره العيش في الظلّ
تماماً كأيّ ثمرة انطوائية
لن تنضج أبداً.
.

لا أحبّ السيارة
فهي عربة رعناء
يلزمها أربع عجلات
لكي تبقى على قيد التوازن،
وأكره الدرّاجة
لأنها تجري
كأي عصفور معدني جبان
لا يقوى على الطيران.
لا أحبّ الكره
لأنه غالباً ما يكون مجانياً
وبلا أسباب وجيهة
وأكره الحبّ
لأنه مكلّف للغاية.

لا أحبّ الأحد
لأنه يوم كسول
يذكّرني بأنَّ : غداً أمرٌ،
وأكره الاثنين
(أنظُر الأحد).

لا أحبّ العيش وحيداً
فالوحدة باردة
كلَيلةٍ ديسمبرية
حالفها عطبٌ في جهاز التدفئة،
وأكره العيش مع الآخرين:
إنه الجحيم.

لا أحبّ أن يكون عندي
دمٌ يجري
ولا سبيل إلى اللحاق به،
وأكره ألاّ يكون عندي دم.

لا أحبّ ساعة الحائط
لأنها تذكرني بالعمر الضائع،
وأكره ساعة اليد
لأنها تسابق دقات القلب.

لا أحبّ السلم
لأن الحياة تصير رتيبةً معها
وبلا طعم
وأكره الحرب
لأنها عكس السلم.

لا أحبّ الحياة
لأنها بنت كلب،
وأكره الموتَ :
نباحَها الأخير
.
طه عدنان

الاثنين، أغسطس 21، 2006

هذه سياسة أيضا


هل من الممكن إعفاء الخاسر والمقهور من السياسة؟ هل يمكن إبعاده عنها ؟
كيف يقتنع النفاد الفرانكوفونيون والأنجلوساكسونيون العرب بذلك ؟ إن أحدا لم يعرف لهم الفن جيدا , ولم يعرّف السياسة جيدا .
يتحدثون عن السياسة بصفتها " وقائع" !كأن أحدا لم يشرح لهم الفرق بين " الوقائع" و"الواقع" الذي يشمل كل عواطف البشر ومواقفهم , ويشمل الزمان المثلث الأضلاع ( ماضي اللحضات, حاضرها , مستقبلها )يتحدثون عن السياسة بصفتها قرارات الحكومات والأحزاب والدول . يتحدثون عنها بصفتها نشرة أنباء الساعة التاسعة فقط !

السياسة هي شكل العائلة على مائدة الافطار . من الحاضر حول المائدة ومن الغائب ولماذا غاب ؟
من يشتاق لمن , عندما يسكب القهوه من بكرجها ويوزعها على الفناجين . هل تملك ثمن افطارك مثلا ؟
أين أولادك الذين غابوا إلى الأبد عن كراسيهم المعتادة هنا ؟
لمن تحنّ هذا الصباح ؟
أي إيقاع يلاحقك لتسارع إلى مباهج وعدتك بها الحياة , أو إلى مواجهة تتمنى أن تكسبها ولو هذه المرة فقط ؟
أين أولاد هذه الأم التي تنسج بنظارتها المائلة قليلا كنزة من الصوف الكحلي , للمسافر الذي لا يكتب بانتظام
.أين ثرثرتك الناعمة وأين عزلتك الرائعة واستغناؤك عن العالم الخارجي ولو لدقائق .
أي غفران صغير تتدرب على منحه اليوم ؟ وأي عتاب تتمنى محوه ؟
من استورد ملعقة الشاي الصغيرة اللامعة هذه من تايوان ؟
أية سفن عملاقة مخرت البحار لتحمل لك نكاشة بابور الكاز من ستوكهولم ؟
كيف جمع باعة الزهور ملايينهم وبنوا عماراتهم الفخمة من بيعهم لأطنان الباقات التي تحملها الأمهات والشقيقات إلى المقابر التي لا تتخلى عن رطوبتها , رذاذا أو زهورا أو دموعا؟
تساؤلك عن السبب في أن الصمت , حتى الصمت على المقابر يكون مبلولا .السياسة هي عدد فناجين القهوة على المائدة .
انها نسياناتك التي تباغتك بحضورها وذكرياتك التي تخشى التحديق فيها , لكنك تحدق فيها رغم ذلك .
البعد عن السياسة أيضا سياسة . أليس كذلك ؟
السياسة لاشيء , نعم . السياسة كل شيء , نعم . أقصد في نفس الوقت .
رأيت رام الله - مريد البرغوثي

الثلاثاء، أغسطس 08، 2006

لا تقلق


يوجد شهيق في صدرك
أنهكه البحث عن أفضل ما لديك
ذلك لأن الحياة كاذبة بالفعل
لا تسمح بعبور حقيقة ما
هناك من يصرخ في ألم
لا بأس
إنها الكائنات الخرافية التي ذُبحت
كانت بالداخل
وتم تصريفها
للخارج
فحسب
سارا أكاسيا, ترجمة : ممدوح رزق

السبت، يوليو 22، 2006

اعترافات


هل أرى طفولتي؟
تلك الطفولة التي أصبح يفصلني عنها الآن أكثر من نصف قرن، لكن عينييّ الحسيرتين يمكنهما أن تدركانها، إذا لم تظهر عقبات كثيرة من شأنها أن تحجب النور. فالسنوات أشبه بالجبال الشاهقة التي تحول بيني وبينها، سنواتي الماضية وبضع ساعات قليلة من حياتي.نصحني الطبيب بأن لا ألحّ كثيراً في أن أسبر ذلك الماضي البعيد. وقال إنه يعتبر أن للأحداث التي عايشتها مؤخراً ذات القدر من الأهمية، وخاصة التخيلات والأحلام التي رأيتها في الليلة الماضية. لكني أحبّ أن أفعل الأشياء وفق ترتيبها. فما أن غادرت عيادة الطبيب (الذي سيسافر خارج تريستا لفترة من الزمن)، حتى هرعت واشتريت مجلة عن التحليل النفسي ورحت اقرأها، لعلي أبدأ من نقطة الصفر، ولكي أسهّل على الطبيب مهمته. لم تكن عصية على الفهم، لكنها مملة للغاية.بعد أن تناولت طعام غدائي، تمددت على كرسي وثير، وقد أمسكت بيدي قلم رصاص وورقة. كانت قد تلاشت جميع التجاعيد من جبهتي، وأنا أجلس هنا خالي البال، بعد أن طردت جميع الهموم من رأسي. وبدا أني أصبحت أرى أن أفكاري قد انفصلت عني. وأصبح بوسعي أن أراها تعلو وتنخفض، وهي في قمة نشاطها. أمسكت قلم الرصاص لأذكّرها أنه يجب أن يتمكن الفكر من توضيح نفسه بنفسه، وعلى الفور بدأ حاجبي يتغضن وينكمش، وأنا أفكر بالأحرف التي تتشكل منها كلّ كلمة. الحاضر يمور ويهيمن عليّ، ويتلاشى الماضي وكأنه شيء لم يكن.حاولت البارحة أن أسترخي بقدر ما بوسعي. وكانت النتيجة أني غططت في سبات عميق، ولم أشعر بشيء سوى براحة هائلة، وتملكني إحساس غريب بأني رأيت شيئاً مهماً وأنا أغط في النوم. لكني ما أن أفقت، حتى نسيت ما رأيته، وفقدته إلى الأبد.
أما اليوم، فلن يدع قلم الرصاص، الذي أمسكه بيدي، مجالاً لأن يغمض جفني. وبدأت أرى على نحو باهت بعض الصور الغريبة التي لا يبدو أن لها علاقة بماضيّ: قاطرة تنفث دخانها وتجرّ عربات لا حصر لها متجهة نحو منحدر شديد الوعورة. من يمكنه أن يعرف من أين أتت، أو إلى أين تتجه أو لماذا ظهرت لي الآن؟
وفيما كنت في حالة شبه يقظة، تذكّرت أني كنت قد قرأت في كتابي المدرسي أن المرء يستطيع أن يتذكر سنوات طفولته الأولى بهذه الطريقة، حتى وهو في المهد. وعلى الفور رأيت رضيعاً في القماط، لكن لماذا يتعين عليّ أن أفترض أن هذا الرضيع هو أنا؟
فهو لا يشبهني في شيء، بل على العكس، أظن أنه ربما كان ابن أخت زوجتي الذي أنجبته منذ أسابيع قليلة، والذي راحت تعرضه علينا باعتباره معجزة وذلك لصغر يديه، وضخامة عينيه. يا له من طفل مسكين.
هل أتذكّر طفولتي؟ بالفعل.
لماذا لا أستطيع أن أحذرك، وأنت لا تزال طفلاً رضيعاً، أنه من المهم أن لا تنسى شيئاً، لكي تحافظ على ذكائك وصحتك. وإني أتساءل، متى ستتعلم أنه يجب على المرء أن يتذكر كل حدث مرّ في حياته، حتى الأحداث التي قد يكون نسيها؟ وفي غضون ذلك، تواصل، أيها البريء المسكين، البحث عن جسدك الصغير سعياً وراء المتعة، ولن تجلب لك اكتشافاتك السعيدة في نهاية الأمر إلا المرض والمعاناة، التي يساهم فيها حتى الذين لا يتمنون لك أن تبتلي بها.
ما العمل؟ من المستحيل مراقبتك وأنت في المهد. قوى خفية تندفع في داخلك، أيها الطفل المسكين، عناصر غريبة تتجمع فيها. فكلّ دقيقة تمرّ تكشف لك شيئاً جديداً.إن احتمالات أن تصاب بالمرض تحيط بك من كلّ جانب، لأنه يستحيل أن تكون كلّ تلك اللحظات التي عشتها نقية وصافية، فضلاً عن أنك تمت إلى الناس بصلة القربى بواسطة الدم. أعرف. ربما كانت الدقائق التي تمرّ نقية، لكن من المؤكد فإن كلّ تلك القرون التي هيأت لمجيئك لم تكن كذلك بالتأكيد.ها هنا أنا، بعيداً تماماً عن الصور التي تسبق النوم.سأحاول غداً كرة أخرى.

* إيتالو سفيفو

الجمعة، يوليو 07، 2006

عبث

قال ,
إنهم هكذا ,
يرددون نفس الكلام الذي رددناه , يعيشون الأفكار التي عشناها
التي جمعت الكثيرين منا , والتي فرقت الكثيرين منا .
إنهم يعيشون نفس الأحلام القديمة التي عشنا نحن من أجلها
والتي خابت , ثم إنه ضحك , لم تخب تماما , لكنها شاخت ونحن أيضا شخنـا .

وأنت , أنت لا تريدهم أن يسلكوا نفس الطريق , نفس الخطأ
وفي كل مرة تريد أن تقول , تحاول , مع أن الوقت سوف يمضي
وستعرف أنت الآخر أن عليك ألا تقول شيئا , ذلك أنهم صاروا يروننا أفضل حالا
وأكثر ميلا إلى التخاذل والتسليم .
قال ,
إنهم هكذا ,
دائما .

ابراهيم أصلان

الأربعاء، يونيو 28، 2006

حلم

أمس رأيتني عاريا وأمشي .
كنت في شارع فيصل بعمان , أمشي وحيدا , عاريا كنت , وكنت أمشي , والخلق حولي , كأن لا أحد يراني قبل أن ألتفت إليّ وأراني حزينا , لا يسترني شيء.
لا أعرف تماما , ما إذا كنت ارتبكت جرّاء هذا العري ,لكنني أحسست في لحظة ما بحاجتي إلي ثوب .لو كان "فرويد" حيا , لاتهمني بالاستعراض الجنسي , لكن " أريك فروم سيتدخل إلى جانبي , موضحا أن "فرويد"يتجاهل أن العري قد يعني شيئا آخر غير هذا الاستعراض فقد يكون العري مثلا رمزا لسلامة الطوية أو ...
تناسبني محاججة "فروم" الذي يؤكد أن المرء إذا رأى نفسه عاريا في الحلم ,فإن ذلك يعني حرصع على أن يكون هو ذاته حقا ً , وأن الثياب قد تعني الك الأفكار والمشاعر التي يتوقعها الآخرون منا , في حين أنها ليست أفكارنا ولا مشاعرنا على الإطلاق .
فالجسد المتجرد من الثياب , هو رمز للأنا الفعلي , في حين تكون الثياب رمزا للأنا المجتمعي , الذي يشعر ويفكر بناء على مقتضيات النموذج الثقافي السائدفإذا رأى أحدنا نفسه عاريا في الحلم , كما يقول " فروم" فإن ذلك قد يكون تعبيرا عن رغبته في إبقاء نفسه على حقيقتها ورفضه لكل المظاهر الغشاشة الخادعة .

محمد القيسي

الجمعة، يونيو 23، 2006

فكِّر :
( ما قبل الأسبيرين .
.أيامَ كان الناس يحملون الحياة بأسنانهم
ويداوون آلام الموت بصرخات قلوب اليائسين ;
ما قبل الأسبيرين
ما قبل اللغات والرسائل والتعاويذ
ما قبل الاسئلة الكبرى والرسالات الكبرى
ما قبل
" Help me "
و " أنجدني "
و
" ضمّد بحنانك عذاب قلبي"
ما قبل الأسبيرين . . .ما قبل النار , والطبول , والرايات ,
وزجاجات البحّارة الهالكين
عائمةً على سقوف أوقيانوسات الموت . . . )
فكّر في كوابيس تلك الأزمنة
وصيحات أولئك الناس
فكّر في ألمِ الكائناتِ الضعيفة
, العاجزة ,المنذهلة البكماءْ
فكّر في هذا وهذا
وفي ألمِ هذا وهذا
تألّم هذا وهذا وهذا
لا كمنْ يشارك في وليمة ندم أو وليمة عطفْ
بلْ كمنْ يتألم نيابةً عن خليقةٍ بكاملها
نزيه أبو عفش

الأربعاء، يونيو 21، 2006

علامة فارقة

لِيَكُن الوَقتُ الجَيِّدُ
جَيِّداً كِفايَةً
بالنِّسبَةِ لَكَ
لا تَستَعجِلْ قُدومَ شَيءٍ
مَهما يَكُن
ما سَيَأتي سَيَأتي
أَبيضَ كانَ أَم
أَسوَدَ
إن لَم يَكُن انتِظارُكَ
مَفتوحاً
كِلاهُما لَيسَا في
صالِحِكَ .
/
غادِرْ في اللَّحظَةِ
الَّتي يَجِبُ عَليكَ أَن تُغادِر
لَيسَ قَبلَها بِلَحظَة
ولَيسَ بَعدَها بِلَحظَة
دُونَ أَن تَلتَفِتَ
وَدُونَ أَن تَقولَ كَلِمَة
وإن شَعَرتَ
فَجأَةً
أَنَّ هُناكَ شَيئاً
رُبَّما نَسيتَهُ وَراءَكَ
وحَرَصتَ عَلى تَفَقُّدِه
حينَها
يَكفيكَ
نَظرَة .
/
لِتَجوالِكَ وَحيداً
مَزايا لا تُحصى
لَكِنَّهُ مِنَ الأَفضَلِ
أَن تَصطَحِبَ مَعَكَ رَفيقاً
فَأَنتَ
عَلى الأَقَلّ
سَوفَ تَحتاجُ
مَن يَلتَقِطُ لَكَ الصُّوَر
لَن تَعني صُورُكَ شَيئاً
إذا لَم يَظهَر في طَرَفِها
أَو في إحدى زَوَاياها
جُزءٌ
مِنكَ .
/
في مَحَطَّةِ سَفر
حَقيبَةُ يَدٍ سَوداء
لَيسَت عَلامَةً
فارِقَة .
/
* منذر مصري

الخميس، يونيو 08، 2006

رسـالة

لقد كان لك كثير من الأحزان العظيمة التي انقضت وها أنت تقول إن هذا الطابع العابر، هو ما صعب عليك احتماله لقسوته
وأنا أدعوك الى أن تفكر جيدا: ألم تخترقك هذه الأحزان في الصميم؟
ألم تتغير فيك أشياء كثيرة؟ بل ألم تتغير أنت ذاتك، في نقطة ما أو موضع ما من كيانك، فيما كنت حزينا؟ ان الأحزان التي نحملها فتطغى على أصواتنا ونحن بين الناس، هي وحدها الأحزان الخطرة والسيئة. انها تشبه تلك الأمراض التي تعالج علاجا سطحيا وسخيفا فتتراجع قليلا ليكون ظهورها- بعد ذلك - مرعبا. انها تتراكم في الداخل، وهي من الحياة؟ ولكنها حياة لم تحيا , حياة يمكن أن تقتلنا.
لو كان بامكاننا أن نرى أبعد قليلا مما تتيحه معرفتنا، وخلف الأبواب الأمامية لحدسنا، لكان بوسعنا أن نحتمل أحزاننا بثقة أكبر من تلك التي نحتمل بها أفراحنا.
ولعل مرد ذلك، الى أن أحزاننا تمثل اللحظات التي ينفذ- خلالها- الى داخلنا شيء جديد ومجهول.
وفي تلك اللحظة تصمت أحاسيسنا، في تردد خجول، ويتراجع فينا كل شيء، فيخيم سكون ويستوي ذاك الجديد الذي لا نعرفه، صامتا، هناك في الوسط.
وإني أعتقد أن جل أحزاننا هي لحظات توتر تشعرنا بالعجز عن الحركة، فرط ما بنا من صمم تجاه حياة احساساتنا الموسومة بالغرابة. ومعنى ذلك أننا وحيدون مع ذاك الغريب الذي نفذ الى داخلنا ، ومعناه أيضا ، أن كل ما هو مألوف ومعتاد لدينا، قد أخذ منا، وأننا نجد أنفسنا وسط مرحلة تحول، حيث لا نقدر على الوقوف دون حراك. وسأفسر لك الآن لماذا يكون الحزن عابرا؟
ان ذاك الجديد الذي انضاف الينا فصار فينا، قد نفذ الى قلبنا، الى أكثر مخابئه حميمية حيث ينتفي ليمتزج بالدم فنكف عن ادراك ما هو، ويمكن أن يخيل الينا أن شيئا لم يحدث، والحال أننا تغيرنا مثلما يتغير بيت بدخول ضيف. لا نستطيع أن نقول من الذي دخل، وقد لا نعرف ذلك أبدا، ولكن مؤشرات عديدة تجعلنا نفكر في أن المستقبل هو الذي اقتحم دواخلنا بهذه الطريقة كي يتحول فينا، زمنا طويلا قبل حلوله الفعلي.
لهذا السبب يكون من المهم أن يبقى الانسان وحيدا ومنتبها، عندما يكون حزينا: لأن اللحظة التي يبدو أن لا شيء يأتي خلالها او يتحرك، هي اللحظة التي يدخل مستقبلنا- خلالها- فينا. وهذه لحظة أقرب الى الحياة من اللحظة الأخرى الصاخبة حيث يأتينا المستقبل كما من خارج. وبقدر ما نكون هادئين وصابرين ومنفتحين - في حزننا- بقدر ما ينفذ فينا هذا الجديد عميقا دونما معكر. وبقدر امتلاكنا له، بقدر ما يكون قدرنا: قدرنا الذي عندما يطلع يوما ما من ذاك "الجديد"، ليقترن ببقية الأقدار، نشعر في أعماقنا كم نحن أهل وأقارب. انه من الضروري الا يداهمنا شيء غريب، عدا ما هو لنا منذ زمن بعيد: وفي هذا الاتجاه بالذات يتشكل تطورنا تدريجيا، في هذا السياق وجب أن نعيد التفكير في عدة مفاهيم متعلقة "بالحركة" .
ولقد تسني لنا أن ندرك تدريجيا، أن ما نسميه قدرا، يخرج من الانسان ولا يداهمه من الخارج، ولم يدرك عدد كبير من الناس ذلك: لأنهم لم يمتلئوا بقدرهم - فيما هو يحيا داخلهم - ولم يحولوه فيهم، لقد بدا لهم "غريبا"، الى حد جعلهم يجزمون - في رعبهم المربك - انه لم يحل فيهم الا للتو: وهم يقسمون على أنهم لم يجدوا في ذواتهم شيئا شبيها به، قبل ذلك. و مثلما أخطأنا طويلا بخصوص حركة الشمس، فإننا نتمادى في أوهامنا حول حلول (هذا الغريب ).
ان المستقبل ثابت، يا عزيزي
وأما نحن فاننا نسبح في الفضاء اللانهائي ... فكيف لا يشكل الأمر علينا؟ وحتى نعود الى موضوع العزلة، فانه بات جليا- أكثر فأكثر- انها ليست شيئا يمكن أخذه او تركه نحن متوحدون، ويمكن أن نوهم أنفسنا بأن الأمر ليس كذلك، بيد انه يحسن أن نفهم اننا متوحدون، ويحسن بكل بساطة أن ننطلق من هنا، وحينها سيعترينا الدوار بالتأكيد، لان كل النقاط التي ألفت عيوننا ان تقع عليها، ستسحب منا؟ فينتفي كل قريب، ويتناص كل بعيد في بعده. ان كل من ينقل - فجأة ودون سابق انذار- من غرفته قمة جبل شاهق، يعتريه نفس الاحساس بالدوار: انه يشارف على الامحاء بفعل حالة من الضبابية لا مثيل لها ويفعل كونه تحت رحمة شيء لا مسمى. انه يخيل اليه انه سقط أو ألقي به في الفضاء فتحطم وتناثر ألف قطعة: فاي الأكاذيب، لا يبتدعها عقله، في هذه الحالة، حتى يستعيد حواسه؟! وبهذه الطريقة تتغير- بالنسبة الى من يغدو متوحدا- كل المسافات والمقاسات، وتحدث هذه التغيرات فجأة. وتماما مثل الرجل الذي فوق قمة الجبل، فانه يشكل تخيلات غير معتادة و إحساسات غريبة، يبدو وكأنها تنمو فوق كل ما هو محتمل. غير انه من الضروري أن نحيا هذا أيضا. علينا ان نحتمل وجودنا أكثر ما يمكن وحتى ما كان شديد الغرابة، ينبغي ان يكون ممكنا في هذا الوجود.
وهنا تكمن الشجاعة الوحيدة التي نحن مطالبون بها:
ان نكون شجعانا أمام ما هو أغرب وأبعث على الدهشة، وأقل قابلية للايضاح. واذا كان تخاذل الناس - بهذا الصدد- قد ألحق ضررا بالغا بالحياة؟ فان التجارب المعيشة التي نسميها "انبثاقات"، وكل ما نسميه "عالم الأرواح"، والموت: كل ما هو شديد الالتصاق بنا.. وجد نفسه بفعل المقاومة اليومية خارج الحياة، الى حد أن الحواس التي كانت تسمح بالامساك به، اعترافا الضمور. دون أن نتحدث عن الله، بيد أن الخوف مما هو غامض لم يفقر وجود الفرد فحسب: وانما ضيق بفعل تأثيره العلاقات بين البشر، فاجتثت من مجرى نهر الامكانات اللانهائية، لترفع فوق ضفة نهر جرداء، لا شيء يدركها. لأن الكسل ليس وحده القادر على جعل العلاقات البشرية تتكرر رتيبة، لا تتجدد، وانما هنالك ايضا الخجل أمام كل تجربة جديدة وغير منظورة، نشعر اننا دون مستواها. وحده، من هو مستعد لكل شيء ولا يرفض أمرا، حتى ما كان غامضا: سيعيش العلاقة مع شخص آخر مثل شيء حي يستنفد تجربته الخاصة.
واذا مثلنا هذا الوجود بغرفة كبيرة نسبيا، فان معظم الناس لا يتعلمون سوى معرفة زاوية من الغرفة أو مكان ما من النافذة، او جزء (صغير من الأرضية )، يمشون عليه ويجيئون، وهكذا، فهم يجدون نوعا من الأمان، ومع ذلك، فكم هو انساني هذا اللاأمان المحفوف بالمخاطر، والذي يدفع السجناء- في حكايات ادغار الان بو الى تلبس أشكال زنزاناتهم المعتمة والمرعبة، حتى لا يكونوا غرباء عن مخاوف اقامتهم.

ولكننا لسنا سجناء، وليست هناك أية فخاخ حولنا:
لا شيء هنا ينبغي أن يخيفنا او يعذبنا، فنحن في الحياة مثلنا في أكثر العناصر ملاءمة لوجودنا، فضلا عن أن آلاف السنين من التكيف ، جعلتنا نشبه هذه الحياة، الى حد أننا- اذا بقينا ساكنين - بالكاد نميز أنفسنا عن كل ما يحيط بنا بفضل نوع من التماهي السعيد. ولسنا محقين في أن نكون حذرين من عالمنا، لأنه لا يناصبنا العداء واذا كانت فيه مخاوف، فهي مخاوفنا نحن، أو فيه مغاور، فتلك المغاور لنا. واذا كانت في هذه المغاور مخاوف، فعلينا ان نحاول حبها. ويكفي أن ننظم حياتنا وفق المبدأ الذي يدعونا الى التمسك بالأصعب حتى يستحيل ما يبدو لنا اليوم شديد الغرابة، أكثر الأمور ألفة وأوفاها.
كيف لنا أن ننسى الأساطير القديمة التي كانت في بدء كل الشعوب: أساطير التنينات التي تنقلب، في اللحظة القسوى أميرات؟ فربما تكون
كل التنينات في حياتنا أميرات جميلات ومقدامات، تنتظر رؤيتنا يوما ما ربما يكون كل مرعب يحتاج مساعدة، ويريد منا أن نساعده.
عزيزي السيد كايبس، لا ينبغي أن تخاف، عندما ينهض أمامك حزن أكبر من كل الأحزان التي صادفتك؟ أو عندما تمر كآبة على يديك وعلى جميع حركاتك، مثل النور وظل السحب، ينبغي ان تشعر ان شيئا ما يحدث لك، وأن الحياة تحضنك ، ولم تنسك ولن تتخلى عنك، لماذا تريد أن تطرد من حياتك كل نوع من الاضطراب، أو الوجع والاكتئاب، وأنت لا تعلم شيئا عما تعمله هذه الحالات فيك؟
لماذا تجلد ذاتك بالتساؤل عن مصدر كل ذلك، وعن ماله؟ وأنت تعلم أنك في مرحلة تحولات، وانه لن تكون لك رغبة أكبر من رغبتك في أن تتحول. واذا كان ما يحدث لك مشوبا بالمرض، فاعلم اذن، أن المرض وسيلة يتمكن بها الجسم من التخلص من كل ما هو غريب عنه؟ ومن ثمة، فليس علينا الا أن نساعده على ان يكون مريضا كليا وعلى أن يعبر عن نفسا، لأنه بذلك يستطيع أن يتطور.
عزيزي السيد كابيس، كثير من الأشياء تحدث الآن في ذاتك، وينبغي أن تكون صابرا مثل مريض، وواثقا مثل من يتماثل للشفاء: لأنك قد تكون هذا وذاك معا، وفضلا عن ذلك فأنت - أيضا- الطبيب الذي ينبغي أن يسهر على نفسه.
وفي كل مرض هنالك أيام لا يستطيع الطبيب خلالها الا ان ينتظر، وهذا ما ينبغي أن تفعله اليوم باعتبارك طبيب نفسك. لا تراقب نفسك كثيرا، ولا تخرج باستنتاجات متسرعة مما يحدث لك: دعة - فقط - يحدث. والا فانك ستنقاد ببساطة الى القاء نظرات لوم ( أخلاقية ) على ماضيك، الذي يساهم بالتأكيد، بكل ما يهب الآن للقائك، في حين أن كل ما يعتمل فيك الآن من تيه ذاك الولد الذي قد كنت، ومن أمانيه وتطلعا ته، ليس هو ما تتذكره، وتدينه.
ان الوضعية الاستثنائية لطفولة متوحدة ومحرومة، وضعية في غاية الصعوبة والتعقيد، فهي منذورة الى تأثيرات مختلفة في نفس الوقت. يجب ان نكون حذرين ازاء الاسماء، فكثيرا ما تتحطم حياة على اسم الجريمة وليس على الفعل ذاته.
هذا الفعل الذي هو بدون اسم، والذي قد كان ضرورة دقيقة من ضرورات الحياة، وكان يمكن أن يدمج فيها دون صعوبة. واذا بدت لك القوى المبذولة كبيرة، فذلك لانك تمنح الانتصار أكثر من قيمته: فهذا الانتصار ليس الأمر "العظيم" الذي تعتقد أنك أنجزته، حتى وان كنت محقا فيما تشعر به، العظيم هو أنه كان هنالك شيء أمكن لك أن تضعه مكان هذه الحماقة، شيء حقيقي وواقعي. وبدون ذلك فان انتصارك ما كان يمكن أن يكون الا ردة فعل أخلاقية عديمة القيمة؟
في حين أنها غدت بهذه الطريقة مرحلة من مراحل حياتك. حياتك - عزيزي السيد كايبس - التي أفكر فيها حاملا لك كثيرا من الأماني الطيبة. هل تذكر كيف كانت حياتك تتطلع الى الخروج من الطفولة والتوجه نحو "الكبار"؟
اني اراها الآن وهي تتطلع - منفصلة عن الكبار- الى الأعظم، لذلك فهي لا تكف عن أن تكون صعبة، ولكنها لذلك أيضا، لن تكف عن النمو. واذا كان لي أن أقول لك شيئا آخر، فهو ما يلي:
لا تعتقد أن من يحاول مواساتك يعيش دون عناء، بين الكلمات السهلة والهادئة التي تمنحك الراحة أحيانا. ان في حياته الكثير من العناء
والحزن.. حياته التي تظل بعيدة، دونك. ولو كان الأمر على غير ذلك، لما كان له أن يجد كلماته أبدا
المخلص: وينير ماريا ريلكه
فوروبوج، السويد
في 4 نوفمبر 1904

إبصار

إبصار

كان أيّار قبل أن
أنتبه إلى الربيع و
كلمتي التي قلتُها لمنحدرات الجنوب
قد
أضعتُها، جاءتْ
وذهبتْ قبل أن
أمضي لأرى:
لا تقلق، قال الجبل،
حاوِِِلْ منحدرات الشمال التالية
أو إذا
كنتَ تستطيع التسلّق، تسلّقْ
نحو الربيع: لكنْ
قال الجبلُ
لا تَحدثُ الأمور هكذا
حيالَ جميع الأشياء، بعضُ
ما يمضي يمضي حقّاً
أرتشي راندولف أمونز

الثلاثاء، مايو 23، 2006

اعذروني ,هذه أيام أورند هاتي

«القصص العظيمة»
هي تلك التي سمعتها وترغب في سماعها مرة اخرى. تلك التي تستطيع ان تدخل اي مكان فيها وتسكنها بارتياح، فهي لا تخدعك بالإثارة والنهايات الخادعة ولا تفاجئك بالتطورات غير المتوقعة، وهي مألوفة كألفة البيت الذي تسكنه، كعبير جلد حبيبتك. تعلم كيف تنتهي لكنك تصغي كأنك لا تعلم، بالطريقة التي تعيش كأنك لا تدري على الرغم من ذلك انك
ستموت في يوم من الأيام. في «القصص العظيمة» تعرف من يعيش ومن يموت، ومن يجد الحب ومن لم يجده. مع ذلك تريد ان تعرف ثانية، وهنا يكمن لغزها وسحرها.
أورندهاتي , بالتأكيد

الاثنين، مايو 15، 2006

.



عندما كانت تنظر إلى نفسها في صورة زفافها , شعرت آمو أن المرأة التي نظرت إليها كانت امرأة أخرى , عروسا غبية مزينة بجواهر . ساريها الحريري الذي لونه بلون الغروب الموشح بالذهب . خواتم في كل اصبع . نقط بيضاء من خشب الصندل أُلصقت فوق حاجبيها المقوسين . بالنظر إلى نفسها بهذا الشكل كان فم آمو الناعم يلتوي في ابتسامة , ابتسامة مرّة ببسب الذكرى - ليست ذكرى الزفاف بحد ذاته , بقدر حقيقة أنها سمحت لنفسها بأن تُزيّن على نحو مُجهد للغاية قبل أن تُساق إلى المشنقة . بدا الأمر سخيفا جدا . وعبثيا إلى حد بعيد .مثل تلميع موقد .ذهبت إلى صائغ القرية وطلبت أن يُصهر خاتم زواجها الثمين ويُحوّل إلى سوار رفيع برأس أفعى ,والذي خبأته من أجل ابنتها . كانت آمو تعلم أن حفلات الزفاف لم تكن شيئا يسهل تجنّبه تماما . على الأقل ليس بالكلام بشكل عملي . لكن , ولبقية حياتها , أيّدت حفلات الزفاف البسيطة بثياب عادية .لقد اعتقدت أن ذلك يجعلها أقل شناعة ."
أورند هاتي روي

السبت، مايو 13، 2006

نـ َ فـَ س

تكنس الكوابيس كل فجر عن عتبة البيت
تقشّر قبالة النافذة بصلتين
كي لا يسألها اليمام عن دموعها
بطرف جلبابها تلمّع المرايا
عاجزةً عن إزالة حنان مترهل
يقرّب قلبها من التراب
ليلاً هدهدت الأطفال بحكايات البحر
في جلبابها رائحة الحارة
ألوان عرائس الحلوى و الأحصنة الصغيرة
وعدتهم بفطيرة جبن ساخنة في الصباح
الشمس
في هذه المدينة الكئيبة
باردة
قاسية
ستكسّر أسناننا
لا بدّ من حيلة أخرى
تخرجهم من دفء القطن و الأحلام
لو كانت روحها سجادة
لنفضت عنها هذا الغبار
لتركتها في الهواء قليلاً
تتنفّس
سوزان عليوان

الأربعاء، مايو 03، 2006

براءة

" كانت دولورس شابة جميلة , وإن كانت قد ترملت من بحار آثر البحر أن يلتهمه . وكان ابنها الوحيد الذي رزقت به منه في الرابعة من عمره حينئذ. وقد صدمه منذ عشرة أشهر قطار بضائع مرّ دون إنذار .ولا أدري إن كنت تعلمون أن القطار إذا تبعه قطار اخر لم يُعلم حراس المعابر بمروره , يُعلق على عربة المؤخرة مصباح اخر للإنذار . لكن القطار لم يكن يحمل مصباحا . وإذا كان يحمل فقد كان مطفأ لأن أحدا لم يره .وما جرى أن دولورس لم تنتبه إلى صغيرها . ومر قطار البضائع بواحداته الاثنين والثلاثين فوقه وجعل رأسه الصغير كورقة . حدث هرج ومرج في البداية . ثم لم يجر شيء آخر غير ما يجري دوما لسوء الحظ : شرّحت جثة الضحية . ووضُعت في نعش أبيض قُدّم هذه المرة هدية من الشركة.وأخيرا ووريت الثرى .ألقى المدير العام باللوم على رئيس المصلحة . ورئيس المصلحة على رئيس المحطة . ورئيس المحطة على قائد القطار . وقائد القطار على الريح .. والريح _ واسمحوا لي أن أضحك _ غير مسؤولة .
كاميلو خوسيه ثيلا

الأحد، أبريل 30، 2006

ماذا تفعلون الآن؟

إنني أسأل هنا عن معاصري‏ّ المنتشرين في كافة قارات العالم، أولئك المجهولين - الغائبين بالنسبة لي. أريد أن أتعرف عليهم وأتفق معهم على نوع الحياة التي نعيشها. نطرح أسئلة واحدة ونبحث عن أجوبة موحدة لها. عن المصير ذاته، وأحلام الأيام القادمة أيضاً. إنني هنا - أعرف أننا جميعاً - هنا وهناك - نقتسم يوماً أرضياً واحداً، ولكن لكل منا نصف يومه المختلف. هنا حين يؤوينا الظلام الساكن، العامر بالأشباح، يغمرهم نهار شوارع مزدحمة صاخبة ملونة. وحين يأتي نصف يومنا، نهارنا، شوارعنا المغمورة بشمس ناصعة، يحل نصف يومهم، ليلهم الطويل البهيج أو الثقيل بالجرائم والعري والقمار والرقص. غير أن التضادات تلك، الأنصاف المتضادة، لن تحول دون رغباتنا الصادقة في أن نلتقي لنعرف، لنفهم، لنوحد يومنا في زمن أرضي واحد.. ألا يا أخوتي المجهولين في نصف الأرض الآخر، إني أجلس في ليل أفكر ولا أعمل شيئاً. إني أسأل: ماذا تعملون الآن، خلف البحار والجبال والغابات والصحاري وشوارع المدن العملاقة?

محمد خضير

الثلاثاء، أبريل 18، 2006

كأي ميت



أينما وليت وجهي

ثمة ما يستحق التحطيم

غير أن قبضتي

لا تملك أكثر مما يملك

ظل فراشة

كما أن وجهي سوف ينهار

ما إن أقبض ملامحي

أسير مثلما يسير أي ميت

ببطء وبلا اكتراث

لا بالأقدام التي تلهث

كيما تعثر على ما يعينها على اللهاث

ولا بالشوارع التي تئز وتنحني

وتوشك أن تنهار

لا أحاول العثور على تفسير

لاستحالة أن يحيا الخلق بلا عداوات

ولا أجد مبررا للسؤال

عن سر بقاء الأقنعة والأكثر توحشا

لا أجد مبررا لأي انشغال بالآخرين

كأي ميت

ينبغي ألا أفكر فيما هو أكثر من خسائري

ورعاية الطحالب التي تنمو حول روحي

أو تفقّد الذين أحببتهم

دون أمل في أن يروني

حتى قاتلي

تولى عن حسباني

مذ أصبح لا يتوقف عن جرع الماء

وهو يبصرني بجوار الثلاجة

أشير إلى موضع خنجره





فتحي عبد السميع

الأحد، أبريل 16، 2006

من ؟

"ناني" الخادمة الحامل
شنقت نفسها في أحد الأيام في المرحاض،
وظلت معلقة هناك، كدمية شوهاء، ثلاث ساعات طوال
إلى أن حضرت الشرطة.
وعندما كانت الريح تهب فتديرها برفق في حبلها
كان يتراءى لنا، نحن الذين كنا أطفالاً يومئذ،
أن "ناني" كانت تقوم برقصة مضحكة لتسليتنا.
نمت الأعشاب بسرعة، وقبل نهاية الصيف
كانت الأزهار الصفراء تعانق المدخل والحيطان،
وأصبح المرحاض المهجور كأنه مذبح في معبد
أو ضريح لقديسة ميتة.
بعد عام أو عامين سألت جدتي ذات يوم
هل تذكرين "ناني" الممتلئة الداكنة
التي كانت تغسلني بجانب البئر؟
حركت جدتي نظارة القراءة على أنفها
وحملقت في وجهي وسألت : "ناني"... من هي؟
وبهذا السؤال انتهت "ناني".
كل الحقائق تنتهي هكذا بسؤال.
إن هذا الصمم المتعمد يحوّل الموت إلى خلود
كل الحقائق تنتهي هكذا بسؤال.
إن هذا الصمم المتعمد يحوّل الموت إلى خلود
والشيء الأكيد إلى رخو غير أكيد.
إنهم محظوظون أولئك الذين يسألون أسئلة
ثم يمضون قبل مجيء الاجابة
أولئك الحكماء الذين يحيون في منطقة صامتة زرقاء
لا تخامر أذهانهم الشكوك
لأنهم يمتلكون ذلك السلام المتخثر
المنطمر في الحياة
كاللحن في بيضة الوقواق،
كالشهوة في الدم،
أو كالنسغ في أوعية الشجرة....
سريا داس
ت : شهاب غانم

: )

فكاهة

لا تخف
ليس معنى الوقوف في النافذة
أنك ستسقط
ليس معنى السعال
أنك مصاب بالسرطان
ليس معنى ضيق التنفس
أن قلبك به شريان مسدود
الحياة فقط هي التي معناها
أنك ستموت
ممدوح رزق

الخميس، أبريل 13، 2006

ابتعدوا !!


من فضلكم ابتعدوا
أكره ما عليّ أن أكون ذاهبًا لأموت
و يمنعني أحد
سأنتحر يعني سأنتحر
فقط امسكوا أطراف ملاءة
وقفوا قريبا
ربما أغير رأيي عند الطابق السابع

.
عماد أبوصالح

الأحد، أبريل 09، 2006

حلم

وجدت نفسي في بهو جميل , وبين يدي وعاء ذهبي مليء بما لذ وطاب.فذكرني هذا بسمار الليالي من أصدقاء العمر الراحلين, وإذا بي أراهم مقبلين تسبقهم ضحكاتهم المجلجلة. فتبادلنا السلام وأثنوا على الوعاء وما فيه . غير أن سعادتي انطفأت فجأه وصارحتهم بأنني لن أستطيع مشاركتهم حيث منعني الأطباء من التدخين منعا باتا , وبدت الدهشة على وجوههم ثم ركزوا أبصارهم في وجهي وتسألوا ساخرين:
أمازلت تخاف من الموت ؟
أحلام فترة النقاهة - نجيب محفوظ

الاثنين، أبريل 03، 2006

يا عصفورة بيضا لاعدا تسألي


يلوحان لبعض من بعيد
في لحظة وداع
ليمسح كل منهما صورة الآخر
في الهواء .
صلاح دبشة

الأحد، أبريل 02، 2006

ماذا بعد ؟ ماذا قبل ؟


.. أثناء سفري التقيت بصديقة قديمة لي أحببتها دوما ’ من ضمن أمور أخرى , لقدرتها على جمع العاطفة العميقة مع الصراحة التي تقترب من الوحشية." كنت أفكر بك " قالت لي , " بـ إله الأشياء الصغيرة , ماذا فيه , ماذا فوقه , حوله .. " ثم صمتت لبرهة . كنت منزعجة ولست متأكدة أبدا من أنني أريد أن أسمع بقية ما تريد قوله .ولكنها كانت متأكدة أنها ستقوله ." خلال السنة الماضية _ أقل من سنة في الواقع_ نلتِ الكثير جدا من كل شيء _ الشهرة , المال , الجوائز .التملق , النقد , الادانة , السخرية , الحب , الكراهية , الغضب الحسد , والكرم _ كل شيء . إنها قصة كاملة . مزخرفة تماما بإفراطها . المشكلة هي أن لها , أو من اللمكن لأن يكون لها , نهاية واحدة كاملة " .كانت عيناها عليّ تسبرانني ببريق منحرف . كانت تعرف أنني أعلم ماذا تريد أن تقول . لقد كانت مجنونة .
كانت تريد أن تقول أن لاشيء مما قد يحدث لي في المستقبل من الممكن له أن يعادل بريق هذا أبدا. إن بقية حياتي بأكملها ستكون غير مرضية بشكل عام .ولذلك فإن النهاية الكاملة الوحيدة للقصة هي الموت . موتي.
خطرت الفكرة لي أيضا . بالطبع خطرت . حقيقة أن كل هذا , هذا التألق العالمي _ هذه الأضواء في عيوني , التصفيق , الورود , المصورون , الصحافيون الذين يدعون اهتماما كبيرا بحياتي ( ومع ذلك يصارعون للحصول على حقيقة ثابتة وحيدة ) , الرجال في بذلات الذين يتزلفون لي , حمامات الفنادق اللامعة بمناشفها غير المتهية _لاشيء من هذا من المحتمل أن يحدث ثانية . هل سأفتقده؟ هل تعودته إلى درجة الحاجة ؟ هل أصبحت مدمنة شهرة ؟ هل سيظهر عليّ علامات تراجع ؟
كلما فكرت بالامر اكثر اتضح لي أكثر أنه إذا كانت الشهرة ستصبح ظرفي الدائم فإنها ستقتلني . ستخنقني حتى الموت بلباقتها وصحتها . أعترف بأنني استمتعت بدقائقي الخمس منها إلى حد كبير جدا , ولكن بشكل أساسي وقبل كل شيء لإنها كانت خمس دقائق فقط . لإنني كنت أعرف ( أو اعتقدت بأنني كنت أعرف ) أنني
أستطيع أن أعود إلى وطني عندما أشعر بالملل وأن أضحك عاليا عليها . وأتقدم بالعمر وأصبح مستهترة . آكل المانغا في ضوء القمر , وربما أكتب بضعة كتب سيئة _ الأسوء رواجا _لأرى كيف يكون الاحساس بذلك .
قلت لصديقتي إنه لا يوجد شيء اسمه قصة كاملة . قلت لها في جميع الأحوال أن رؤيتها للأمور كانت رؤية خارجية , ذلك الافتراض بأن مسار سعادة الانسان أو لنقل إنجازه قد وصل ذروته ( ويجب أن ينحدر الآن) لأنه تعثر بالمصادفة بـ " النجاح " . أن رؤيتها مبنية على الاعتقاد التقليدي الضعيف الرؤية بأن الثروة والشهرة هما المادتان الحتميتان لأحلام كل شخص .
هناك عوالم أخرى . أنواع أخرى من الأحلام . أحلام الفشل فيها ممكن . مشرّف . وفي بعض الاحيان يستحق الكفاح من أجله .عوالم لا يكون فيها التميز هو المقياس الوحيد لتألق وقيمة الإنسان .يوجد الكثير جدا من المحاربين الذين أعرفهم وأحبهم , أشخاص أكثر قيمة بكثير مني , يذهبون إلى الحرب كل يوم , وهم يعرفون مسبقا أنهم سيفشلون.صحيح أنهم أقل نجاحا بالمعنى السوقي للكلمة , ولكنهم ليسوا أقل إنجازا أبدا .
الحلم الوحيد الجدير بأن يراود المرء , قلت لها , هو حلم أن تعيشي بينما أنت على قيد الحياة , وتموتي فقط عندما تفارقك الحياة . ( علم غيب؟ ربما )
" ماذا تقصدين بالضبط ؟" ( قوست حاجبيها منزعجة قليلا )حاولت أن أشرح , ولكنني لم أنجح . أحيانا أحتاج أن أكتب لكي أفكر . وهكذا كتبت ذلك لها على فوطة ورقية , هذا ما كتبته :
" أن تحبي , أن تكوني محبوبة , ألا تنسي تفاهتك أبدا . ألاّ تعتادي أبدا على العنف الذي لا يوصف واليأس وعدم التكافؤ الفاحش الموجودين في الحياة من حولك.أن تبحثي عن المتعة في أكثر الأماكن حزنا . أن تطاردي الجمال في وكره , ألاّ تبسطي أبدا ماهو معقد , وألاّ تعقدي ما هو بسيط . أن تحترمي القوة وليس السلطة . وقبل كل شيء أن تشاهدي وتراقبي . أن تحاولي أن تفهمي . ألاّ تشيحي بنظرك أبدا . وألاّ تنسي أبدا أبدا .

أروند هاتي روي

الجمعة، مارس 31، 2006

ــــــــــ 0 ـــــــــ

عش على الهامش

القلب مركز الجسم، و اليد هامش أو طرف. هو مركز، نعم، لكن مربوط بالأوردة، و سجين داخل قفص في صدر. و هي هامش، لكنها تتحرك بحرية في الهواء و النور. تلمس و تحضن. تعزف و ترسم. تهدي وردة، و تزرع شجرة، و تمسح دمعة، و تبادر الناس بالسلام. هو يشتغل، مثل موتور، ليل نهار، و هي تضم اصابعها، حين تتعب، و تنام على راحتها، كعصفور. تسقى الماء، و ترش العطر، و هو مشغول، طول الوقت، بتوزيع الدم أناني ومستبد، مثل كل مركز وإصابته قاتلة، و هي يمكن أن نبترها، كأي هامش، دون أن تحرم صاحبها من الحياة


أنت خدّام الحرية


كان نيكوس كازنتزاكس (الروح العظيمة. صاحب زوربا) يقول: "لم أعد أطمع في شيء. لم أعد آمل في شيء. أنا حر". و شاعر تركي (دخل الموت في الثلاثين) اسمه أورهان ولي يقول: "الحرية تكلفك الحياة، و العبودية مجانية". و شاعرة بولندية (تخطت السبعين و اسمها صعب) هي فيسوافا شيمبورسكا تقول: "أفضّل الاصفار الحرة، على الواقفة في طابور من أجل أرقام". أنطونيو ماتشادو (مات من المشي على الحدود، هاربًا من عساكر فرانكو) يقول: "ما أسهل الطيران، ما أسهله، ما على الناس إلا أن يحرصوا على ألا تمس الأرض الأقدام".
أما أمل دنقل (الوحيد هنا، الذي أسمح لروحه أن تحضر في كتابي) فيرى أن "سكينة الذبح" هي مصير الطيور التي حطت (يعني انحطت) من السماء إلى الأرض.

*عماد أبو صالح

الثلاثاء، مارس 28، 2006

وما زلت أنتظر رسالتي

رسالة إلى من لا رسائل لهم

هل محض جنون أن يراسل المرء أناساً لا يعرفهم ؟ أنا أفعل ذلك الآن, لا لشيء إلا لأنني أشبههم, فمنذ زمن بعيد وأنا أتتبع خطواتهم المحفورة في الطريق، و أحصي آلاف الأميال التي يقطعونها كل مساء؛ ليعودوا إلى البيوت التي أنهكها الغياب . لكنَّ أشباحهم وحدها هي التي تعود, لا لتلقى السلام ولكن لتسأل عن رسالة تُشعرهم أنهم على قيد الحياة.

هكذا نحن حين ننتظر رسالة, لا نبرح الأماكن ولا نغلق الأبواب, هكذا ظل والداي عشرين عامًا ينتظران ضيفًا ليس معلومًا وقت مجيئه ولا هيئة الوصول. سنوات طويلة يشعلان السراج والموقد والبخور، ويتركان جزءًا من طعامهما ؛ ومقعدًا شاغرًا من أجله، ويهرعان إلى الباب كلما رن خطو عابر غريب، وحين أصابهما الصمم، جلسا على ناصية الطريق قائلين "لقد أضعنا كل الضيوف بجلوسنا في البيت".

ليس مهمًا أن يأتي الضيوف, ولا أن تُستلم الرسائل, فثمة ضيوف لا نعرفهم, وثمة رسائل لا ترى، فلم لا نذهب إلى من نحبهم ؛ فنجالسهم ونحادثهم ، ولا ننتظر رسولاً يحمل بضعة أوراق منهم. فما الذي يمكن أن تقوله الأوراق أكثر من أرواحهم, تلك التي تدب بيننا، فى تذكاراتهم، في مواقفهم التي تدفقت كأنهار جارية بيننا زمنًا طويلاً.. كم تخاصمنا فيه، كم تعانقنا، وكم كنا ودودين معًا!.

أنا الآن أعد رسالةً إلى أناس لا أعرفهم، فليس هناك ما يجمع بيننا سوى أنني كلما جلست فى الأماكن التي جلسوا فيها أرى أعمارهم التي تركوها ، أرى ترابهم ، وأشجارهم، وقطع الأثاث التي نحلتها مقاعدهم، أراهم يقولون : اكتب لنا.

لى أناس لديكم كنت أتوقع أن يركبوا الريح من أجلى ويجيئوا، كنت أتشمم روائحهم حين يعبرون من على رأسي فتصطك أقدامهم ببلاط الغرفة، وحين يتداولون حول أى الهدايا يتركونها لأطفالي الصغار وأمهم المريضة بالنسيان.. لكننى لم أرهم؛ لأنهم لا ينتظرون المدفأة ولا شطائر الخبز، لا ينتظرون سوى رسالةٍ لا نعرف كيف نكتبها.









قولوا لهم إنني ضجرت، وما عدت أحتمل الحياة وحدى، فهل يمكن أن يغافلوا الحراس ويوقفوا القطار قليلاً؛ كى أضع ساقى وأركض معهم ، قولوا أيضًا: لى ابنة لديهم تجيد الرقص، وحفيد يجيد السؤال، ودبٌ يعشق الغناء أكثر منى.. فهل يمكن أن يحملوا رسالة من أجلى ؟!

* صبحي موسى

الاثنين، مارس 27، 2006

الجدران تتحدث


في قسم العلوم الاقتصادية في مونتيفيديو :
المخدارت تؤدي إلى فقدان الذاكرة وأمور أخرى لا أقدر أن أتذكرها

على حائط في ماساتيبي , نيكاراغوا :
رغم أنهم يموتون من الحنين فإنهم لن يعودوا مطلقا

في مونتيفيديو , في حارة أورينتال :
هنا نجلس , نراقبهم يقتلون أحلامنا

وعلى حائل الأمواج الذي يواجه ميناء بوثيو :
أيها العجوز الأحمق لا تستطيع أن تعيش حياتك كلها في الخوف

في بوينس ايرس على جسر لا يوكا :
الجميع يطلقون وعودا لكن لا أحد ينجزها . لا تصوتوا لأحد

في مرتفعات بالبارايسو :
أحببنا أنفسنا

* غاليانو

الأحد، مارس 05، 2006

الواقع ليس صورا جميلة

التقطت صورا لفلاحي الإقطاعية وكنت أخذها وأهديها إليهم فيما بعد فيتلفونها حائرين , لا يدرون ما يفعلون بصورهم هذه التي لم يطلبوها .كانت تفتنني وجوههم المدبوغة بعوامل المناخ والفقر لكنهم ما كانوا يحبون رؤية أنفسهم في تلك الحالة مثلما في الواقع بأسمالهم وأحزانهما لتي تثقل كاهلهم لإنهم يريدون صوراً ملونة باليد يظهرون فيها وهم يلبسون البدلة الوحيدة التي يملكونها , بدلة الزفاف , وهم مستحمون ومسرحو الشعر مع أبنائهم النظفين من المخاط . "


ايزابيل الليندي - صورة عتيقة

الجمعة، مارس 03، 2006

القانون مثل الحب

القانون، يقول البستانيون، هو الشمس
القانون هو الشيء الوحيد الذي يطيعه كلُ البستانيين
غداً، البارحة، اليوم
القانون هو حكمة الشيوخ
يوبخ الأجدادُ الواهنون بحدة،
فيخرج الأحفاد لساناً ذا صوت عالي الطبقة:
القانون هو أحاسيس الشباب
القانون، يقول القاضي وهو ينظر نظرة ازدراء
متكلماً بوضوح وصرامة شديدة:
القانون هو كما قد قلتُ لكَ من قبل
القانون هو كما افترض انك تعرف
القانون هو، فقط، دعني أشرحه لك مرة أخرى
القانون هو القانون
مع ذلك، فالقانون، يكتب علماء القانون الثابتون،
ليس بالخطأ ولا الصحيح
القانون هو الجرائم
المعاقبة في الأمكنة والأزمنة
القانون هو الملابس التي يرتديها الرجال
في أي وقت، في أي مكان
القانون هو صباح الخير ومساء الخير.
يقول آخرون: القانون هو قدرنا
يقول آخرون: القانون هو دولتنا
يقول آخرون، يقول آخرون:القانون قضى نحبه
القانون قد ولى.
ودائماً تصيح الجماهير الغاضبة الصاخبة
بغضب شديد وصراخ شديد :
القانون هو نحن
وكذلك، دائماً، يصيح الأبله اللين العريكة بتؤدة انه: أنا.
إذا كنا، يا عزيزي، نعرف اننا نعرف
ليس بأكثر مما يعرفون عن القانون
اذا كنت اعرف ليس بأكثر منك
ما الذي ينبغي علينا وما الذي لا ينبغي
ما عدا ذلك المتفق عليه
بسعادة او بتعاسة
ذلك ان القانون هووذلك ما يعرفه الكل
ولذلك يعتقدونه عبثاً.
تعريف القانون ببعض كلمات اخر
.بخلاف الكثير من الرجال
أنا لا أستطيع القول ثانية بأن القانون
ليس بأكثر مما يستطيعون
فنحن نقمع الرغبة الكونية لنخمن
أو ننزلق من مكانتنا الخاصة الى حالة لا مبالاة
رغم انني استطيع، على الأقل،
ان اقي دفراغك وفراغي الى حالة جبن
الى حالة شبيهة بالجبن
فنحن سنتباهى على كل حال:
القانون مثل الحب، أقول.
مثل الحب لا تعرف أين ومتى
مثل الحب لا نستطيع ان نفرضه بالقوة
أو نطيّره
مثل الحب نحن، دائماً، نبكي
مثل الحب نحن، نادراً، ما نستمر.
دبليو. اتش . أدون
ترجمة أديب كمال الدلين

الخميس، مارس 02، 2006

أمنيات أخيرة

أمنيات أخيرة

سأصير هواءً كيلا يراني أحد


آه
لو كنتِ شجرة
كلماتكِ الأوراق
يداكِ الأغصان
مرفوعة أبداً


كم تمنيتُ أن أكون سماءً
كيلا تتشرد النجوم

السماء ليست لنا
إنها للنجوم

وتمنيتُ أن أكون صخرة
ليتحطم عليها الهواء

كم تمنيتُ أن يعثر عليّ الليل
وأنا متلبس بماء البحر

حين أكون بحراً
سأحرق القفطان الأزرق

كم تمنيتُ أن أكون محيطاً
لأطوق وإلى الأبد الأرض
بذراعيّ


كم تمنيتُ أن يكون للأرض قدمان
لأحثها على السير
وتمنيتُ للأرض فماً لتصرخ

أيتها الصرخة
أين فمك

كم تمنيتُ أن أكون فرحاً
كي يعرفني الجميع
لو كنتُ حزناً لانتحرتُ

كم تمنيتُ أن أكون أملاً
كي أسكن الجميع
لو كنتُ يأساً
لما عرفت أحداً سواي


كم تمنيتُ أن أكون خوفاً
لأسكن الخونة

وتمنيتُ أن أكون ضحي
لتسكع الكون

لو كنتُ شمساً
لأمضيت الوقت في الزنازين

كم تمنيتُ أن أرى الليل
يعانق النهار

وتمنيتُ أن أكون مرآة
لأقول ما أراه

لو كنتُ مرآة
لتشمتُ بوجه القتلة


كم تمنيتُ أن أكون إلهاً
لأصنع منْ أحب

كم تمنيتُ أن أوجدكِ
أنىّ أكون ومتى أشاء

وتمنيتُ أن اسرق أثوابكِ
لأضعها على مشجبي

تمنيتُ أن أراكِ كل صباح
لأقص عليكِ أطياف الليل


والآن ما من أحد
حتى هذا الكتاب
يا له من صديق
يصمتُ
كلما أشحت عنه بصري

* منعم الفقير

الثلاثاء، فبراير 28، 2006

طالما أن المصائب ستأتي لا محالة, فمن الأفضل أن تتأخر

يحكي أن ملكا نصف مجنون حكم على نصر الدين بالموت لسرقته حمارا .وبينما كان نصر الدين يُقاد لتنفيذ الحكم صاح :" الحق أن هذا الحيوان هو أخي , وقد مسخه ساحر في هذه الصورة , غير أنه لو عُهد به إليّ مدة عام لعلّمته أن يستعيد الكلام ويحكي مثلي ومثلك"أثار الأمر الملك فطلب من المتهم ترديد وعده قبل أن يُصدر أمره قائلا :" حسناً ! ولكن إذا لم يتكلم الحمار بعد انقضاء يوم واحد على العام فسوف تُعدم"وعندما خرج نصر الدين نادته امرأته قائلة :" كيف يمكن أن تعد بأمر كهذا ؟!تعلم جيداً بأن الحمار لن يتكلم !"أجاب نصر الدين :" بالطبع أعلم , غير أنه بعد عام قد يموت الملك أو يموت الحمار أو أموت أنا "

أمين معلوف - سمرقند

الجمعة، فبراير 17، 2006

ولو قليلا


" عندما تمسك كتابا بيدك , مهما كان هذا الكتاب معقدا أو صعبا على الفهم , فإنك تستطيع بعد الانتهاء منه العودة إلى البداية إن أردت , وأن تقرأه من جديد , كي تفهم ما هو صعب وبالتالي تفهم الحياة أيضاً "
* أورهان باموق

واحدة فقط ط ط ط

معظم الأشياء الجميلة الأخرى في الحياة متوفرة بالإثنين و ربما بالثلاثة بل و ربما بالعشرة إن لم يكن بالمائة ، فهناك وفرة في الورود و النجوم و أوقات الغروب ، و في الأخوة و الأخوات و العمات و أولاد العم و لكنها أم واحدة فقط في هذا العالم

كات دوجلاس ويجين *

الاثنين، فبراير 13، 2006

لا داعي للقلق

معظم الناس يهبون أنفسهم لسراب معتقد مزودج
_ إنهم يؤمنون بخلود الذاكرة_ذاكرة الناس و الأشيـاء والأفعال
وبـإمكانية الإصلاح ( إصلاح الأفعال والأهطاء والأضرار ) : كل هذين المعتقدين في ضلال الآخر .
الحقيقة عكس ذلك تماماً . كل شيء سُينسى ولن يُصلح شيء . دور الإصلاح ( بالإنتقام أو الصفح ) سيطويه
النسيان .لن يصلح أحد الأضرار المقترفة , ولكن كل الأضرار سوف تُنسى
* كونديرا

الاثنين، فبراير 06، 2006

من جَديدٍ، الأملُ على قَدمينْ *


كثيرةٌ هي الأمورُ السَّيئةُ
التي تدفعُ المرءَ للإحباطِ، وإهمالِ العملْ.
وكثيرةٌ هذهِ الصُّحفُ
التي تَعِرضُ لذلكَ كُلَّ صباحْ.
مع هذا،
لم تتوقف الأمورُ السَّيئةُ يا إلهي.
ولم يعُدْ في وُسْعِ المرء، أحياناً،
سوى أن يتأمَّلَ المُزَارعَ الأمَّي ذَا الرَّوحِ النَّشِيطَةْ
وأن يُردد

- من وراءِ زجاجِ نافذة قِطارٍ سَريعْ -
" جديرٌ بالمرءِ، واللهِ، أن يكُون جميلاً
أمَامَ نفسِهَ ".
* علي منصور

الاثنين، يناير 30، 2006

!

الحلم يأتى مثل بداية الحياة ونهايتها سر يفاجئك ويرعبك . ترعبك الاحلام . أكثر ربما من الكوابيس . لأنها تبدأ وتنتهى بدون إرادة ولا توقع ولا حتى احتمال . بينما للكوابيس إشارات وعلامات ورد فعل مادى هو الشعور بالخوف أو الضيق أو الاختناق . لكن ما هو رد الفعل على الحلم ؟*
* وائل عبدالفتاح

الجمعة، يناير 27، 2006

ليس هناك ما يبرر مجيء عام جديد *



لو فكرت أن اتجاهل هذا العام
أن أتركه مهملا في البيت، وأستخدم – أمام عينيه – تقويم العام القديم
ربما أجبره أن يتحول إلى ظل فرعي.
لو حاولت أن أتحدث باستمرار عن العام القديم، والمستقبل
وتعمدت اسقاط ضوئه وجسده الثري
ربما نجحت في إقناعه بضرورة التوقف عن تذكيري بأني لم أعد شجرة آمنة.
لكنه (طبعا أعني العام) لا يتواجد إلا في مطلع العام الذي يليه
!
*مروان الغفوري

الاثنين، يناير 23، 2006

دروس خصوصية في الحرية *


- 1 -

ليست الحرّيةُ أنْ تقولَ كُلَّ ما تعتقُد أنّه حقيقةٌ
بل وتقول أيضا كل ما تعتقد أنه كذبٌ
الحرّية ليست في أن تدافع عن ما قلته
بل وفي إنكار وتكذيب ما قلته أيضا
ليست الحرية أن تقول ما لا تعلم
بل وأن لا تقول ما تعلم
- 2 -

الحرّية ليست في أن يحاسبك الآخرون أو تحاسبهم
بل هي أيضا في رفضك لعقابهم أو رفضهم لعقابك.
وهي إذْ لا تحميك من العقاب,
فإنها لا تمنعُ عقابك للآخرين أيضا
* علي المقري

الجمعة، يناير 20، 2006

قد تكتشف هذا فجأة ..

العالم هو آخر غير الذي يبدو لنا
ونحن آخرون غيرمن يبدون في لغوهم.
إذن يحافظ الناس على الإستقامة الصامتة
كاسبين بذلك إحترام الأقارب والجيران
* تشيسلاف ميلوش

الاثنين، يناير 16، 2006

من آن إلى آخر *


أصدقاؤنا الذين يرحلون فجأة
تاركين مهمة إبلاغنا برحيلهم
لهاتفٍ ،
أو صحيفة .
أصدقاؤنا ، أولئك الطيبون
كأنما ـ بهكذا رحيلٍ ـ
يقولون لنا " انتبهوا "
دون جدوى ، يقولون لنا " انتبهوا "
هم أنفسهم
ـ يا للأسى ـ
لم يكونوا من قبل منتبهين .
* علي منصور

الأحد، يناير 15، 2006

الحياة لا تساعد على صنع ابتسامة دائمة

لاينتحر إلا المتفائلون الذين لم يعودوا قادرين على الاستمرار في التفاؤل
أما الآخرون, فلماذا يكون لهم مبرر للموت, وهم لايملكون مبرر للحياة؟؟
* سيوران

السبت، يناير 14، 2006

لمرة واحدة فقط ..



عندما تذهب الى عملك
في الصباح الباكر،
عندما تقف في محطة القطار
برفقة أحزانك ومشاكلك:
تريك المدينة
بريق الإسفلت،
وفي هذا التجمع البشري،
ملايين الوجوه:
عينان غريبتان، لمحة بصر سريعة،
الحاجبان، المقلتان، الجفنان. ما كان هذا؟ ربما سعادة حياتك، لكنها تمضي وتغيب، أبدا.

-- تمشي طوال حياتك
في ألوف الشوارع
ترى في سيرك،
كل ما نسيك.
عين تغمز، روح تنشد.
ووجدتَ
لبضع ثوان فقط،
عينين غريبين، لمحة بصر سريعة، الحاجبين، المقلتين، الجفنين.
ما كان هذا؟ ما من إنسان يستطيع أن يعيد الوقت إلى الوراء،
كل شيء ينتهي، يمضي، ولا يعود البتة.

-- عليك أن تتسكع، في طريقك عبر المدن.
وطالما ينبض قلبك،
ترى هذا “الآخر” الغريب.
قد يكون عدوا،
قد يكون صديقاً،
قد يكون رفيقك في القتال،
يمر قربك ثم يمضي.
عينان غريبتان، لمحة بصر سريعة،
الحاجبان، المقلتان، الجفنان.
ما كان هذا؟ قطعة صغيرة من البشرية الكبرى.
* كل شيء يمضي ويغيب، الى غير رجعة
* كورت توخولسكي

: )

" كل الأمهات هنّ أمهات رجال عِظام، ولا لوم عليهن إذا ما خيبت الحياة أملهن فيما بعد"
بوريس باسترناك