.

الاثنين، أغسطس 21، 2006

هذه سياسة أيضا


هل من الممكن إعفاء الخاسر والمقهور من السياسة؟ هل يمكن إبعاده عنها ؟
كيف يقتنع النفاد الفرانكوفونيون والأنجلوساكسونيون العرب بذلك ؟ إن أحدا لم يعرف لهم الفن جيدا , ولم يعرّف السياسة جيدا .
يتحدثون عن السياسة بصفتها " وقائع" !كأن أحدا لم يشرح لهم الفرق بين " الوقائع" و"الواقع" الذي يشمل كل عواطف البشر ومواقفهم , ويشمل الزمان المثلث الأضلاع ( ماضي اللحضات, حاضرها , مستقبلها )يتحدثون عن السياسة بصفتها قرارات الحكومات والأحزاب والدول . يتحدثون عنها بصفتها نشرة أنباء الساعة التاسعة فقط !

السياسة هي شكل العائلة على مائدة الافطار . من الحاضر حول المائدة ومن الغائب ولماذا غاب ؟
من يشتاق لمن , عندما يسكب القهوه من بكرجها ويوزعها على الفناجين . هل تملك ثمن افطارك مثلا ؟
أين أولادك الذين غابوا إلى الأبد عن كراسيهم المعتادة هنا ؟
لمن تحنّ هذا الصباح ؟
أي إيقاع يلاحقك لتسارع إلى مباهج وعدتك بها الحياة , أو إلى مواجهة تتمنى أن تكسبها ولو هذه المرة فقط ؟
أين أولاد هذه الأم التي تنسج بنظارتها المائلة قليلا كنزة من الصوف الكحلي , للمسافر الذي لا يكتب بانتظام
.أين ثرثرتك الناعمة وأين عزلتك الرائعة واستغناؤك عن العالم الخارجي ولو لدقائق .
أي غفران صغير تتدرب على منحه اليوم ؟ وأي عتاب تتمنى محوه ؟
من استورد ملعقة الشاي الصغيرة اللامعة هذه من تايوان ؟
أية سفن عملاقة مخرت البحار لتحمل لك نكاشة بابور الكاز من ستوكهولم ؟
كيف جمع باعة الزهور ملايينهم وبنوا عماراتهم الفخمة من بيعهم لأطنان الباقات التي تحملها الأمهات والشقيقات إلى المقابر التي لا تتخلى عن رطوبتها , رذاذا أو زهورا أو دموعا؟
تساؤلك عن السبب في أن الصمت , حتى الصمت على المقابر يكون مبلولا .السياسة هي عدد فناجين القهوة على المائدة .
انها نسياناتك التي تباغتك بحضورها وذكرياتك التي تخشى التحديق فيها , لكنك تحدق فيها رغم ذلك .
البعد عن السياسة أيضا سياسة . أليس كذلك ؟
السياسة لاشيء , نعم . السياسة كل شيء , نعم . أقصد في نفس الوقت .
رأيت رام الله - مريد البرغوثي