.

السبت، ديسمبر 03، 2005

بلا أدني خجل

رغم كل ما حدث

هل كنتي خائفة حقا ؟

نعم .. نعم

كنتي خائفة بينما تسألينني بصوت واهن ومرتعش :

( ـ أي جراحة تلك التي يتحدثون عنها ؟ )

كنتي خائفة وأنا أجيبك بابتسامة شاحبة :

( ـ مجرد جراحة بسيطة .. لا تقلقي )

أتعرفين ؟

لم أبك

نعم .. لم أبك

بينما كانوا يحملونك إلى القبر

لم أبك

ماذا كنتي تظنين ؟

هل كان من السهل أن أصدق

أنك عشت حياة طويلة وقاسية

ثم مت هكذا

بمنتهى البساطة ؟

هل كان من السهل أن أعترف

أن الألم لم يفارقك حتى اللحظة الأخيرة

ثم أصبحت مجرد ميت عادي

تنتهي سنوات عمره بنفس الطريقة ؟

كيف ؟

لا .. لا

لم أبك

رغم ذهولي من استمرار الكائنات

في ممارسة الحياة المعتادة

بلا أي تغير

كأن شيئا لم يحدث

نعم .. لم أبك

لكن

هل تتذكرين بائعة اللبن ؟

تلك التي حينما كانت تأتيك لتشتري منها

كنت تدخلينها المنزل

وتجلسينها

وتعدين لها طعام الإفطار

وتجلسين معها لتبادل الود والمواساة ؟

هل تتذكرينها ؟

تلك التي حينما سألتك عنها ذات يوم

وعن لماذا تفعلين معها ذلك

أجبتيني بأنها مسكينة

تخرج من بيتها في الصباح الباكر

دون أن تضع شيئا في جوفها

ثم تظل طوال النهار

تمر على بيوت كثيرة

حتى ينالها التعب

هل تتذكرينها ؟

لقد جاءت إلى المنزل اليوم

كأنني أراها للمرة الأولى

لم أنتظر لتكمل : ( البقية في حياتك )

تركتها متجها لغرفتي

وفي النافذة

وبينما أتطلع إلى ملامح الشارع

الذي كنتي تسيرين فيه كثيرا

لا .. لا

هذه ليست دموع

أنا فقط كنت أريد أن أقول لك :

( حاولي

ألا

تتذكري

شيئا )*
* ممدوح رزق