.

الخميس، مارس 31، 2011

إني أسمعك يا فرجينيا .





أفكر بفرجينيا بشكل متقطع هذه الأيام لذا تناولت سيرتها وقررت أن أفتح صفحاتها بشكل عشوائي لأكتشف ما الذي تحاول أن تخبرني به :

- " أحسب أن الناس يفخرون بستائرهم وثمة منافسة عظيمة بين الجيران . أحد البيوت له ستائر من الحرير الأصفر محاطة بأشرطة الدانتيل . لابد أن الغرف في الداخل مظلمة , أظنها تعبق برائحة اللحم والبشر . وأعتقد أن إسدال الستائر هو علامة الوجاهة."

- بعد يومين سجلت فرجينيا في يومياتها أنها وجانيت كيس قد بحثتا أمر روايتها " التي سيؤكد الجميع - كما أتنبأ - بأنها أروع ما قرؤوا على الإطلاق ثم يذمونها فيما بينهم , وهي في الواقع تستحق الذم ".
- كان هذا على ما أظن عاملا من عوامل الزوبعة التي كانت تتجمع الآن . فانيسا قد حصلت على ما أرادت : حريتها . إن بوسعها الآن أن ترسم كما تشاء , أن ترى من الناس من تشاء , أن تعيش حياتها كما تشاء , ولا شك أنها ستتزوج كما تشاء . كانت سعادتها واضحة كل الوضوح وسرورها لا شائبة فيه بعد أن تخلصت من رعاية والدها ومن طبعه الحاد . أما فرجينيا , التي كانت متوترة عاطفيًا ومتهيجة عصبيًا من جراء الشهور الطويلة لمرض السير لزلي الأخير وكانت لما تزل تشعر بالذنب وغير قادرة على السلوى , فقد وجدت هذه السعادة أكثر مما تستطيع أن تتحمله .

- قد اعتقدت فرجينيا أن مهمتها هي أن تلهب مخيلة تلاميذها لكي يروا " اللحم والدم في ظلال الأشياء ".

- " إن دفاعي الوحيد هو أنني أكتب الأشياء كما أراها وأنا أدرك أن هذه وجهة نظر ضيقة جدا ولا حياة فيها . لا أعرف كيف أوضح ذلك بعوامل خارجية مثل التعليم وطريقه الحياة ..الخ لذا ربما سأقدم شيئا أفضل مع تقدم العمر . كانت George Eliot تناهز الأربعين حيت كتبت أولى رواياتها , لكن شعوري الحالي هو أن هذا العالم الغامض , الشبيه بالحلم , الخالي من الحب أو القلب أو العاطفة أو الجنس هو العالم الذي أعبأ به حقًا وأجده ممتعُا . فمع أن هذه الأشياء أحلام بنظرك , وأنا لا أستطيع التعبير عنها بكفاية أبدا , فهي بنظري حقيقية تماما . لكن أرجو ألا تظني أني راضية أو تظني أن رأيي يتخذ شكلا كليا بأيه صورة . إنما يبدو لي أن من الأفضل أن أكتب عن أشياء أشعر بها فعلا من أن أعبث بأشياء أنا بصراحة لا أفهم فيها إطلاقا . هذا نوع من الإسفاف – في الأدب الذي يبدو لي شنيعا ولا معذرة فيه : أعني الناس الذين يتمرغون في عواطف لا يفهمونها ."

- كان الآخرون يقومون بسفرة ما إلى بلدة مجاورة فلم يتركوا ما يؤكل لكوكس وفرجينيا عند وصولهما سوى قطعة معجنات عفنة , تلك هي منغصات الحياة البسيطة .

- شعرت فرجينيا في وقت ما أن رأي فيوليت الحسن بها هو شيء جوهري لسعادتها لكن الحال لم تعد على هذا المنوال .

-  قضاء أيام متعددة بصحبة الآخرين أو حضور حفلة ما أو الذهاب إلى لندن من شأنها أن تعيد الصداع وليالي الأرق مما لا يمكن شفاؤه إلا بفترات طويلة من الاستراحة والعزلة.

- كانت المحادثة هي فنه , وإنها لمأساة أن اختار مثل هذه الوسيلة المتلاشية في التعبير .

- " مضيت على دراجتي وليس أمامي إلا وقت قصير وأنا أسير ضد ريح عاتية ؛ شعرت مرة أخرى بالرضا لأني أضاهي أشياء قوية ذات بأس كالريح والظلام ."

-  " ماذا يعني الأصدقاء للمرء إذا كان لا يراهم إلا بضع مرات في السنة ؟ أنا على اتصال متقطع بفروستر وهو تقطع مزمن . كلنا نشعر بالحياة ولا نفعل شيئا لا نريده إلا نادرا ."

- دونت فرجينيا مرة أخرى يومية باسم " اليوم النموذجي " لعلها كانت تعني بهذه التسمية الهموم والحماقات التي تؤلف حياة المرء ولا تعني اليوم الطبيعي المعتاد , إنها تشكو في مقاطع أخرى من عدم توفر الوقت لكتابة اليوميات لوجود عدد كبير جدا من " الأيام النموذجية ".

- " لا أستطيع أن أتصور أنني سأرى يومي هذا في السنة القادمة ."



Virginia Woolf 25 January 1882 – 28 March 1941*

* كان من المريب أن أعرف للتو أن انتحارها كان في نهاية مارس , ومن الغريب أن تكون نافذتي – بشكل عارض - بلا ستائر ,
ومن المربك أن يوم ميلادي غدا.